فقال حنفي: زهقت نفس المقتول عن فعلين لا يجب القود بأحدهما، فلا يجب القود على الآخر؛ كما لو كان أحدهما مخطئًا.
اعترض عليه شافعي، فقال: ((بل فعلهما موجب. وإنما في الأب شرف نبا الاستيفاء عنه لأجله. فصار كاثنين عامدين رميًا بسهمين نحو رجل، ومات أحد الراميين قبل وقوع السهمين فيه؛ ثم وقعا، فمات المرمي. فإن الحي يجب قتله قودًا. ولا يسقط قتله لأجل سقوط القتل عن شريكه؛ حيث كان سقوط القود للموت، وهو معنى نبا عن المحل الاستيفاء لأجله.
قال الحنفي: لا معنى للقول بوجوب القود على محل لا يستوفى منه الواجب. وإنما الوجوب للاستيفاء. ولأن وجوب القود في الأصل إنما كان لحياة النفس. وفي طبع الأب المركوز فيه، وحنوه على الولد، ما يغنيه عن رادع من خارج يمنعه من قتله. وما ذلك إلا بمثابة ما ركز في الطبع من معافة المستقذرات المغنية عن صارف عقوبة أو حد يردع به الإنسان عن ربه؛ بخلاف الخمور التي ركز في الطبع الميل إليها.
قال مالكي: لا يقع؛ لأنه قارن بلفظه بالطلاق ما يشهد بعدم القصد، فصار كالنوم.