الأمة بأنه لا تقوم الساعة حتى تكون ريح صفراء وخسف ومسخ، فأي وجه لإنكار تعجيل عقابه في دار تكليفه؟ وقولك إنه ((لا يخاف الفوت، )) فإن تعلقت في ذلك بتعليل، أفلست من تعليل تنصبه لعذاب الآخرة. فإنه لا ممن يشتفي، ((ولا ينتفع بالمقابلة، ولا يستضر بترك الآلام والعقاب. وهو غني عن التعذيب، والعصاة محتاجون إلى العفو. فلا يبقى لتعذيبه وجه من وجوه تعود إليه. فإذا أسقطت التعجيل، لأجل أنه لا يخاف الفوت، وجب عليك إسقاط أصل التعذيب، لأنه لا يستدرك به أمرًا من الأمور التي وضع العقلاء التعذيب لأجلها. ولأنك إن قنعت بأن إقامة الحدود زجرًا لعين المحدود، وهو الزجر الكلي، فقل ههنا يجب التكفير تخسيرًا في المال، يرتدع به عن الحنث غير الحانث من الكفار. ولأنه لا يجوز أن يراعى في عقوبة محل قد عفي عن جريمته زجرًا للغير. والاعتبار في العقوبات بالمحل الجاني. فإذا عفا الله عن الجناية، والحد حق لله، هدر جانب غير المحدود. ألا ترى أن القصاص وضع لإحياء النفوس عمومًا، ولاشتفاء الولي خصوصًا؟ ولو عفا الولي، سقط حقه وسقط الزجر المحيي للكل تبعًا. وعفو الله - سبحانه وتعالى- في باب التائب، كعفو الولي في حق القاتل.
وأما قولك إن الحدود سقطت بالشبهة، فهو الحجة. لأنه إذا أسقطها