وما كان سببًا لعبادة لا ينعقد سببًا في حق الكافر؛ كدخول الوقت لإيجاب الصلاة، وحؤول الحول لإيجاب الزكاة.
اعترض حنبلي فقال: أنت معول في هذه الطريقة على موجب حلها. وهو غير صحيح على أصلك. فإن المغلب في الكفارة عندك الحنث دون اليمين. ومقتضى اليمين الوفاء والبر، دون النقض والحنث. والدليل عليه أنها تأكيد خبره بقسم معظم. ومن أخبر، فالظاهر من خبره الصدق، لا الكذب. ولو تردد بينهما، رجحه القسم إلى جانب الصدق. وهو، مع كفره، من أهل الوفاء؛ بدليل أنه يعقد الأمان، ويعقد له الأمان. والذمة ثقة بوفائه؛ كما يوثق بالوفاء له. ويصح يمينه بمجالس حكام المسلمين ثقة بقوله وتعويلًا على قسمه لإسقاط دعوى خصمه. وإن كان مسلمًا، حتى لو كان مجوسيًا يعظم الشمس لم نحلفه بها، بل بالله تعالى. فإن نظرت إلى الحنث كان نظرًا ثانيًا، وترك النظر إلى الأول والأقصد، دون الآخر والتابع. على أن مراعاة الكفارة والحنث لو صح، لكان في الكفارة من ثبوت العقوبة ما يصلح أن ينعقد يمين الكافر لإيجابه. لأنها وإن كان فيها تعبد، إلا أنه ليس يتمحض. وما كان بهذه المثابة لا يغلب عليه غيره ويسقط هو في نفسه. بدليل أن الحد وضع زجرًا وعقوبة. فإن صادف ((محلًا مصرًا على الجريمة، أقيم بحكم أنه عقوبة. وإن صادف محلًا تاب وغفرت جريمته وزال جميع أحكامها من الفسق والهجران