قال شافعي: لا أسلم. بل الطلاق في الأصل مباح؛ وإنما يحرم أو يكره لعارض؛ كحيض، أو إضرار بالإلجاء || إلى دفع العوض عنه لتخليص النفس، أو ما شاكل ذلك. فقد خولفت في أصل القاعدة، والحديث الذي تستدل به يدل عليك. لأنه قال: لا مباح أبغض إلى الله من الطلاق، ولا أحب إليه من العتاق. ومحال أن يجتمع له الحظر والبغض والإباحة في حالة واحدة. لم يبق إلا أنه مباح على الإطلاق، مكروه على صفة، لاستحالة بغضه على الإطلاق، وإباحته على الإطلاق، أو بغضه على صفة مباح عليها. لم يبق إلا ما ذكرنا.
قال الحنفي: بل يكون مبغوضًا على الإطلاق، مباحًا على صفة هي الحاجة. بدليل أنه لو كان مبغوضًا على صفة هي الإضرار، لما اختص بذلك، ولبطل فائدة تخصيصه بذلك. لأن البيع والإجارة وسائر العقود، إذا وقعت على وجه الإضرار بالغير، كانت مبغوضة عند الله. لم يبق لتخصيص الطلاق فائدة. إلا أنه إذا طلق بغير سبب يحوجه إلى الطلاق، كان مجرده مكروهًا. فإذا احتاج، فالذي يسد حاجته طلقة. فإذا زاد ثانية صارت كالطلقة التي تغيرت في الابتداء عن حاجة، فكرهت. كما لو دخل على امرأته وهي على غاية الطاعة والمحبة والغفلة عن المضرة، فأضرها بطلاقه، فإنه يكون مكروهًا؛ كذلك الطلقة التي تزيد على قدر الحاجة.
وهذا فصل جيد، فافهمه.