قلنا: ولما ثبت أن الله تع خلق رسول الله على أحمد صفات عبيد الله وأوعاها لما همه، فلو كان الأفضل هو التخلي للعبادة، لخلقه غير تواق إلى النساء ليكون منهاجه في الدين على أعلى سبيله. ولأن النبي عم رد على من أراد التبتل، وغضب، وأخبر أنه [لا] رهبانية في الإسلام، ولأن في الواحدة كفاية عن الزنا، فثبت أن الزيادة إلى كمال العدد لم يكن إلا لأنه أفضل من التخلي للعبادة، إلى أن يخاف المنكر. وبهذا نطق كتاب الله تع. فإن الله تع أمر بالثلاث والأربع؛ وشرط خوف الجور، فصبر على الواحدة. فثبت أن الترك مشروع يشرط في الفعل. وفي نهي النبي عم الذين أرادوا التبتل عن التبتل والثبات عن النساء دليل واضح على فضل حال النكاح على التبتل.
وجه آخر ما روي عن النبي صلعم أنه قال: من أحب المباحات إلى الله تع النكاح، وأبغضها إلى الله تع الطلاق. والطلاق مشروع لقطع النكاح، فصار مبغضا شرعا في نفسه ووصفه، لا بعارض. فعلم أن النكاح في وصفه ||وأصله محبوب لله، إلا بعارض جور فيه، لا أنه من المعاملات المباحة إلا لعارض. والفقه فيه أن النكاح في أصل وضعه شرع لمصالح دينية عامة. فيكون أولى معنى بنفل العبادة، قياسا على السلطنة بحق والجهاد في سبيل الله. وإنما قلنا ذلك لأنه شرع للقيام على النساء وحفظهن والنفقة عليهن. والازدواج فيه صلاح العالم، وسبب لبقائه