ما يكون وبالا عليه. فمن الناس من يكون له سمت وعليه مسحة من تواضع وذل. فمتى خاصمه من عليه سيماء الجلادة، كان الناس كلهم مع صاحب السمت، لما يغلب على ظنهم من ضعف ذلك السمتيت ووقاره وفورة ذلك الجلد وتسلطه. فمخاصم ذلك السمتيت معينا على نفسه، حيث حمل الناس بخصومته على ظهره. ومن خاصم الناس خصم. ومن اعتمد على ما يعمله من نفسه وبراءته، لم يكد ينفعه علمه ما لم يجعل عليه شاهد من برائته. وكم وقعت التهم بالصور والأشكال، وبعدت عن المجرمين لصور وأشكال!
فالعاقل من لم يقنع في الأحكام بفراسته. وقد خوفنا الله من الحكم بالفراسة والظاهر بما ذكره لنا من قصة صواع العزيز، ودم قميص يوسف، وبكاء إخوته عند دعواهم أنه أكله الذئب. فأي حكم يبقى عند العاقل لهذه الظواهر مع إيقاف الباري لنا على مخالفة البواطن؟
ولقائل أن يقول: إن كانت هذه القصص تمنع من الحكم بالظواهر، فالحكم بتخريق القميص من دبر يحمل ويحث على أخذ الجنايات من الأمارات والدلائل الظاهرة. ولو سلم لأحد الحكم بما يقع له، لكان رسول الله يحكم بها. وقد قال: إنكم لتختصمون إلي، ولعل أحدكم ألحن بقصته من صاحبه؛ فمن قطعت له بشيء فلا يأخذه، إنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها.