قال المتكلم له: لا أسلم، وأقول بما قال عيسى بن أبان والمعتزلة: يصير مجازًا فيما بقي. وكيف يكون الخصوص، وهو ضد العموم، حقيقة؟ وبالدليل الذي جعلت الندب مجازًا أجعل الخصوص مجازًا. وإن ||سلمت نظرًا في العموم لا أسلم أن مقتضى صيغة الأمر الإثابة؛ بل العقاب على الترك هو مقتضاها. لأن الإيجاب هو الأمر الحتم الملزم للمستدعى منه المستدعى من الفعل، والعقاب على تركه من خصيصة إلزامه وإيجابه وانحتامه. فأما الإثابة فلا تلزم. فإن طاعة الأدنى للأعلى فيما استدعاه منه، سيما إذا كان في حق العبد مع سيده، والابن مع أبيه، وحق المكلف مع الله سح، فإنه بالمخالفة يستحق العقاب، وبالطاعة لا يستحق عليه الثواب؛ لكن الإثابة تابعة للاستجابة تفضلاً. فليس من ضرورة الأمر الإثابة، ومن ضرورته العقوبة والذم على المخالفة لاستحقاق الطاعة على المستدعى منه. وفارق العموم. فإن كل واحد من المشركين مستحق دخوله في صيغة قوله {اقتلوا المشركين}؛ لأنها صيغة جمع تشمل كل من اتصف بهذه الصفة، وهو الشرك. فإذا أخرج الخصوص بعض الأشخاص بقي الجمع برمته في ثلاث، وفي كل جملة تصلح للابتداء أن تسمى مشركين. ولم يبق بعد إخراج اللفظة عن أن يستحق الذم على مخالفتها ما يقتضي نوعًا من العقاب والذم، فلا يبقى حقيقة.