في ذلك بمن تقدمهم فيه حيث يقول: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}؟ وقدم العقلاء أهل الفضل والتفضل، وأخر أهل التقصير والتعطل.
وهلا تركتنا مع الله في حالنا، ولم تسل عما كنا فيه؟ ولعل كلامك في هذا فضول، وأنت فيه منقوص مفضول. فسكت هنية، وقال: ما قرأت من الهندسة شيئًا! فضحك الجماعة به، وتفرقنا لرقاعته عن المجلس، لئلا ينقطع بما لا ينفع.
وقلت لما نهضنا: سبحان من لا يخلي مجلسًا من ثقيل ينغصه، أو أحمق يفسده، أو محتشم يقبض أهله عن الانبساط! فقال لي قائل كان طيب: ((المجالس عندك على الحقيقة ما هي؟ )) قلت: ((هي المجالس الجامعة للعقلاء المتحابين المتناصفين؛ حتى إذا جرت مذاكرة، أو حدثت حادثة، لم يشبها ضغينة فتفسد، ولا تحاسد فتخرج عن التحقيق وتبعد. وإنما اعتبرت العقل لأنه أداة التمييز؛ ||وإنما اعتبرت التحاب لأنه يزيل العنت والعناد، فخرج الكلام صافيًا.))
قالوا: ((فهل وجدت ذلك قط، أم تقوله بالاستدلال دون الوجدان؟ )) قلت: لا يجوز أن يصح هذا في الدنيا، لأنها دار الشوائب والنوائب.