غير مطهر بنفسه، قيل: الماء مطهر بنفسه، لأنه يغسلها؛ إلا أنه إذا قل حتى لم يكن شيئًا ضعف عن التطهر للنجاسة الحقيقية، لأن تطهيرها إزالة عينها؛ وفيما نحن فيه النجاسة ضعيفة، لأنه حكم دون العين، فاستغنى عن الإزالة. فصار البلل كالماء الذي يقدر على الإزالة في إفادة الطهر.
264 - تذاكرنا في بعض مجالس الفضلاء في شأن غلام بلغ من خدمة سيد كان يخدمه جهده. ثم وقع سيده في ورطة. وكان يتهافت ويخاطر في محبته وخدمته بنفسه وماله وولده، ولا يتستر ولا يراقب. وآخر من غلمانه كان يخدمه ويتعهده في شدته وحال طلب السلطان له. غير أنه كان يتستر ويتصاون، ولا يظهر ما يفعله. ثم إن السيد زالت عنه الشدة، وعادت إليه النعمة. أيهما ينبغي أن يزيد في إكرامه: المتهافت، أم المتماسك؟ [فقلت: المتماسك] لأنه أنبأ تماسكه في الخدمة عن عقل وحكمة، حيث أكرم غيره، وحفظ نفسه. وهذا القول اختياري. والحكمة والعقل يوجبان إكرامًا بحسبهما. وقال غيري: ينبغي أن يكرم المتهافت، ويزيده إكرامًا على المتماسك. وعلل من نصر هذه الطريقة بأن تهافته أنبأ عن إفراط محبته، وحصل في طي ذلك المخاطرة بنفسه. ومن خاطر بعصمته في حقه وجب له بحسب ما بذل.