كان محبوساً بالأولى، إلا أنه يتسع كما أنه يصح أن يرهنه بدرهم في الأول. ثم يصح أن يرهنه بعشرة. وهذا يدل على أنه يتسع في الثاني. ألا ترى أن في الحسيات لما كان المحل لا يتسع إلا لحجر واحد، أو لجوهر واحد، لا يصح أن يقبل حجرين وجوهرين. فلما قبل في الأول عشرة، كما قبل واحداً في عقد وحد، كذلك جاز أن يقبل الحبس بدرهم بعد درهم. ألا ترى أن المحل الذي يضيق عن جسم مخصوص، والمكان الذي لا يتسع إلا لدرهم من طريق الحس، لا يتسع في الحال لدرهم ولا في الثاني.
قال: ولأنك ما تنكر على من قال لك إن العقد الثاني أوجب تفريغاً ليقبل الشغل بالدين الثاني، وهو إن صار فسخاً. وهذا قولنا في الزيادة في الثمن إنها أوجبت فسخاً للعقد الأول، وانعقد بها عقد ثان.
قال الحنبلي: الشغل يمنع الشغل حساً وحكماً. وذلك أن الشغل هو استيعاب المحل بحكم الحبس هنا، وبالملك في البيع، وبالكتابة في المكاتب، وبالحل في النكاح، إلى أمثال ذلك من أحكام العقود المعلقة على الأعيان في الحسن. إذا امتلأ محل بجسم امتنع أن يحله جسم آخر. لأن المكان مشغول، والجسم لا يدخل على الجسم. وعلة ذلك أن المداخلة إنما هي دخول الجسم في بعد خالٍ؛ والجسم ليس بخالٍ، وإن كان بعداً؛ والملأ لا يملأ، كما أن الفراغ لا يفرغ؛ لكن الملأ يفرغ، والبعد الفارغ يمتلئ.