قيل: بل الحاجة داعية في الأراضي إلى ذلك بمثل ما احتجنا إليه في الثوب. وهو أن البلل في الثوب حكم بطهارته، لأنه يشق اعتبار عصره، بل لا يمكن إخراجه عن الثوب بالكلية. وكذاك في الأرض؛ حاجتنا إلى تطهيرها يمنع من حكمنا بنجاسة المنفصل عن بعضها إلى بعض، وعن بقعة منها إلى بقعة. فنكون كأننا ما عملنا شيئاً؛ إذ طهرنا محلاً منها، ونجسنا محلاً آخر. فالعلة واحدة.
244 - قال القاضي أبو زيد: فأما علة العلة وسبب السبب فمثاله الشرى لذي الرحم. الشرى سبب للملك، والملك سبب للعتق؛ فصار العتق بواسطة الملك مضافاً إلى الشرى؛ فصار الشرى إعتاقاً.
قال في المنقل: الحجر والعصا موضوعان لغير القتل. كما أن الحديد موضوع للقتل. فإذا صنع من الحديد إبرة، والإبرة لا تكون وضعاً منا للقتل بل للخياطة، لم يكن في قوى صنعتنا وفعلنا أن نخرجها عن وضع الأصل. حتى إنك أوجبت القتل بها عبرة بالوضع، لا بصنعتنا. فكذلك إن وجد القتل بالحجر، لم يوجب القود، تمسكاً بالوضع في الأصل، وتركاً لفعلنا. بل نحن أسعد؛ لأن القصاص تسقط بالشبهة، وغلبت الإيجاب