قال حنبلي: المنفصل عنه، وهو البلل الباقي في الثوب، طاهر.
أبطله عليه حنفي بالمنزوح: فإنه نجس، والمنزوح منه طاهر. كذلك المذي ينفصل عن المني، لأنه جزؤه؛ وهو نجس، والمني طاهر. فبطل ما قلت.
قال الحنبلي: إنما يكون ذلك في نزح ماء من نابع، وهو الآبار والعيون. ولا يتصور ذلك في ماء واقف أن يكون كله متغيراً، فينزح منه، ويبقى الباقي لا بصفته. لأن الصفة، وهي التغيير، إذا عمت الواقف، كان محالاً أن يزول التغيير بنزح بعضه. وإذا ثبت هذا، فالمنزوح لما استتبع المتغير وبقي الباقي غير متغير، علمنا أن المتغير زال. فإن بقي منه شيء، غلبه النابع بالمكاثرة. فالمكاثرة بالنابع ظهر فيما عساه بقي؛ والمنزوح هو النجس كله؛ وفارق الثوب. فإن الماء الذي نزل وقطر عنه يغض البلل الذي تخلف في الثوب، ومحال كون البعض طاهراً والبعض نجساً.
قال الحنفي: فالإزالة لا يمكن إلا كذا. فعفونا عن البلل استحساناً. وأما المنفصل، فلا حاجة بنا إلى تطهيره.