238 - فصل جرى في مسألة الواجب بقتل العمد
استدل حنفي فاضل فقال: الحكمة إيجاب المثل في المتلف مهما أمكن. والمماثلة من طريق الصورة لا يمكن. فاعتبرنا إتلاف النفس مقابلة لإتلاف النفس، اشتفاء للوارث حسبما اشتفى من وليه، حفظاً لجانب أوليائه عن التكلب عليهم. والباري سح سماه حياة لما فيه طيه من حفظ الدماء. وذلك إنما تتحقق الحكمة فيه إذا تحقق البدل قتلاً ودماءً، لا ديةً ومالاً. فإن غرضية المال الغناء وسعة الحال. وما ثلم مالهم، بل ثلم شملهم، وقلت عشيرتهم وعدتهم. فالفل أشبه بالفل، والقتل أشبه بالقتل. ومهما أمكن مراعاة ذلك، فلا ينتقل عنه إلا للضرورة؛ كعفو أحد الأولياء، أو شلل اليد، أو نقصان الأصابع. فتتحقق ضرورة تنقل إلى الدية، كما تنقل ضرورة التعدد لمثل ذوات الأمثال إلى القيمة.
قال حنبلي: الوضع الشرعي، كما أنه حقق ما ذكرت، لم يحصل منحتماً انحتاماً يحقق القود، حتى شرعه مما يسقط بالشبهة في أصل الوضع؛ حتى لو رجع الشاهدان به، سقط القتل بعد أن كان واجباً في الظاهر؛ بخلاف وضع إيجاب الأموال. وبعد إيجابه وتحققه وسلامته من خلل الشبهة يسقط بالعفو. وسقوطه بالعفو مع الندب إلى العفو، بقوله: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}. وهذا يزيل تحقق إيجاد القتل