قبيحًا بحكم أنه مفسدة في وقت آخر. فأما أن يأمر به، فقبل أن يفعل ينهي عنه فيصير قبيحًا، فمحال.
قيل له: لا يمتنع أن يكون الأمر به لاختيار المكلف وحصول إضمار الطاعة له بتحصيل الاعتقاد للإيجاب والعزم على الفعل عند مجيء الوقت. وذلك كله طاعة. ولهذا قال الله تع لإبراهيم بعزمه وتصميمه على ذبح ابنه: {قد صدقت الرؤيا}. وأما اعتقاد الجهل لنوع مصلحة، فلا يمتنع؛ لأن الجهل إنما هو قبيح لا لنفسه. فهو كالكذب قبيح، لكن يحسن لدفع ما هو أقبح منه. كمن سأل عن نبي ليقتله. فإن القائل ((ها هوفي البيت)) صادق؛ لكن الصدق حسن إلا في هذا الموضع. وقوله ((ليس هو [في البيت])) مع كونه في البيت كذب؛ لكن الكذبقبيح إلا لدفع ما هو أقبح منه، وهو قتل النبي، فكذلك الجهل قبيح؛ لكنه إذا حصل به طاعة الله، واندفعت به معصيته، وصمم معه على عزم الطاعة، صار حسنًا، لتحصيل ما يوفي على قبح الجهل. على أن الله سح إذا أمر بصلاة موقتة، وأمات المكلف لها قبل وفيها، فإنه كان يعتقد الفعل والحياة إلى وقت الفعل؛ ولما قطع عنه، بإن أنه اعتقد جهلًا؛ لكنه كان حسنًا لإثابته على إضمار الطاعة، واعتقاد وجوبها، والعزم على فعلها.