كالحياكة والحجامة، طاعنة في المروءة، وإن كانت مباحة في حق الحر، مانعة من المروءة، طاعنة في العدالة. وكذلك جعلناها طاعنة في حق العبد، وإن كانت طاعة سيده واجبه في ذلك.
قال: وهذا يعود إلى معنى. وهو أن الشرع جعل الشهادة مضبوطة بشاهدين عدلين حرين إجماعًا. والعدد يزيد على غلبة الظن. فإن الواحد يكفي بدليل الخبر في باب الديانات. فإذا ضبط الشهادة بذلك، ارتفعت عن جواز التوسع بها والتصرف، بحسب المقايسة والعدول من جنس إلى جنس.
أجاب الحنبلي فقال: وكيف لا يختلف ذلك بالمباح الذي إذا أقدم الإنسان عليه بطوع نفسه دل على أنه قد يقدم بطوع نفسه على ما يلائمه من النسخ في الخبر والتجريب في باب الشهادة. فأما ما يحمل عليه [فإنه] || لا يدل على أنه قد يقدم عليه. وأما الصنائع الزرية، إذا حمل العبد عليها في خدمة السيد، فلا يطعن في عدالته.
وأما قولك ((في الشهادة نوع تعبد)) فإنه محروس مع قبولنا شهادة العبيد. إذ لا يطعن ذلك في قانونه. لأن النساء دخلن في الشهادة، مع شهادة الشرع عليهن بقلة عقلهن ونقصانه ونقصان دينهن. والعبد نقصه محنة من الله لا يعتريه نوع تهمة. وإنما نقصه نقص هو مدفوع إليه، وبذلته كذلك هو مدفوع إليها.