مسعان، بل محاشاة إحالة. كما يستحيل على علمه الجهل، وحياته الموت، ((وقدرته العجز، كذلك يستحيل على صفته، التي هي الكلام، الكذب. فكما أنه لا يجوز على كلامه الكذب، كذلك لا يجوز إدخال النار من أخبر أنه سيدخله الجنة. فبهت المتكلم بذلك.
وجعل أقوام يحتجون بذكر الأقدار على مبالغ في الوعظ والإزعاج بذكر آي الوعيد. وكان الواعظ حنبليًا محققًا في الفروع والأصول يدري ما يقول. فقالوا له: كلامك كلام قدري، لا حنبلي! فقال: أنا لا أدري من القدر ما يقيم لكم الحجة، ويقطع لساني عن خطابكم وعتبكم على إهمال الأعمال. والذي قدر القدر هو الذي أمر الأنبياء بالبلاغ؛ ويهدد على تركه، حتى قال: {وإن لم تفعل فما بلغت}. وقال: تركتم علمًا نافعًا ألجمه الله بلجام من نار. فلما جاء إلى القدر قال: إذا ذكر القدر فأمسكوا. فدل على أنه ليس من العلم النافع. ولما قالوا له: ((ألا نتكلم؟ )) قال: ((لا! اعملوا وسددوا وقاربوا.)) ثم تلا: {فأما من أعطى واتقى} {وصدق بالحسنى} {فإن الجنة هي المأوى}، وتلا إلى آخر الآيات.
فاستدل فيها حنبلي بأن النكاح ليس المال فيه أصليًا في القصد، بل تابع، والأصل إنما هو طلب الكفاءة والحظ الأكبر ذلك. والأب هو الغاية في الإشفاق، فلا تذهب نحوه تهمة. فإذا نقصها من الصداق،