إلى مفسدة عن مجرد رقة، لا رأي صحيح. بل أخرج النساء عن ذلك لهذه العلة.
فقال حنبلي: إن الله سح جاء إلى القساة الطالبين للقود. فرقق طباعهم بالندب إلى العفو، وضمن لهم الأجر. فبان لهم رغبته، وهو المالك للأعيان والمنعم بالإيجاد، أنه يحب العفو، وعللوا قلوبهم بقوله: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}. وهذا يعمل في الطباع انقلابًا على الحنق والغضب وطلب الثأر إلى الرقة. فمن يفعل كذا، كيف يخرج من الاستحقاق من خلقه في أصل الخلقة ترقيقًا، وهم النساء؟ فلو لم يرد الرحمة والعفو لما سكن الطباع عن الاشتطاط || بغاية التسكين، وهو مقتضى الحكمة أن يكون المراد رد هذا الأمر إلى من يمضيه بقوة قلب؛ ثم يشرع فيما يلين الطبع ويرقق القلب ويرغب في إسقاطه بالعفو.
ثم لو كان قصده ذلك، كيف كان يعمد إلى إخراج النساء، لأنهن رقيقات مهيآت للعفو، ويقصد الرجال بالترغيب والحث على الرقة والرأفة والعفو؟ وما يفعله الترغيب في العفو في حق الرجل مفزوع منه طبعًا في حق النساء، فكيف يستقيم هذا الموضع؟