جعل الباري الحاجة وصمة دلت على الخلق. قال سح- في صفة عيسى ومريم: {كانا يأكلان الطعام}. ومدح نفسه بالغناء فقال: {سبحانه هو الغني}.
قال العالم المفضل للأعمال على البطالات والراحات: دعنا من ذكر الغني، فإن الغناء تمام وكمال. لكن كلامنا في مخلوق على الحاجة، تمم نفسه بطلب العناء. وليس العجب من غني وجب له صفة الغناء؛ العجب من مخلوق على الحاجة وهو يكتسب الغناء بأفعاله ويسد خلله بأعماله واحتياله. فبمثل هذه الأعمال يشرف الرجال. وهل يكون أحسن ممن خلق ناقصًا فتمم نفسه، || ومحتاجًا فأغناها؟ وهل أحال الباري المحاويج إلا على الأغنياء؟ فإذا صان الفقير نفسه عن الحوالة على غيره، واستعمل جوهره الذي أودعه الله فيه في استغنائه عن المحال عليه، كان أحسن حالًا وأكثر جمالًا ممن قنع لنفسه بقبول الحوالة، وكونه من جملة من تكون يده السفلى، ويد المعطي العليا.
((لا ينبغي للملك، ولا لصدر من الصدور، أن يظهر من الغضب إلا بحسب ما أعد له من العقوبة. فإن كانت بطشته دون غضبه، حقر غضبه واستهين بسخطه وانكشف عجزه. وقد قال الناس في ذلك: ((إذا ما غضب السوقي، فالحبة ترضيه.))