148 - قال حنبلي في قوله صلع ((إذا حضرت الصلاة والعشاء فابدوا بالعشاء وإذا حضرت الصلاة والخلاء فابدوا بالخلاء)) ما أبله قومًا قالوا: ((بدأ بحظوظنا قبل حقوقه.)) فأعدوا هذا رفقًا بطباعهم وتقديمًا لحظوظهم. وكلا أن يكون الشرع قصد ذلك. وإنما الفقه أنه أحب أن لا يدخلوا الصلاة بقلوب مشغولة بطلب الغذاء، أو دفع الأذى؛ فلا يتكامل الخشوع ولا تحضر القلوب. فدفع المشغلات توفرًا على قيام الإنسان بحقوق العبادات. مثل قوله ((لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان)) طلبًا للاعتدال، لئلا يحصل الميل لمكان نفور الطبع، لأنه معيار الحق. ونحن نصون معيار الأثمان والمأكولات عن العين التي تخل بحقيقة وزنه. فكيف بميزان الشرائع والحقوق؟
فهذا فقه الحديث، وعليه قاس الناس صيانة الشاهد عن أن يكون عدوًا، وان يكون أبًا. لأن تمثل الغضب غير لابث، ولكنه نفور يمنع تحقيق النظر. فكيف بهوى النفس في الأولاد ومحبة إيصال الخير إليهم؟ فلم يبق الشرع تمسكه الأديان والعدالات العارضة عن أن يوقع التهمة بأربابها لأجل الطباع الموضوعة فيهم. فافهم هذا؛ فإنه من أحسن فقه الحديث.