فإن جعلته العزمَ، وهو الأشبه، كان المعنى: هذا الهمُّ بدا لها، وهذا العزمُ، فأمضته، واستمرَّت عليه، فما بالها، أي فما بالُ خيالها طارقاً بالَّليل! وكلُّ واحدٍ من ذلك، يجوز أن يكونَ فاعلَ بدا، من قوله: هذا النهارَ بدا لها.
ومن رفع النهار، فقال: هذا النهار، جعله صفةً لهذا، وهو رفعٌ بالابتداء، والذِّكرُ العائدُ إليه من الخبر محذوفٌ، تقديره: بدا لها فيه، فحذفَ، كما حذف من قولهم: السَّمنُ منوانِ بدرهمٍ، ونحوه. وفاعلُ بدا فيمن رفع النهار ما كان يكون فيمن نصبه، إلا أنه يجوز في قياسِ قول أبي الحسن، ان يكونَ من همِّها أيضاً في موضع رفعٍ، وتقديره: هذا النَّهارُ بدا لها فيه همُّها، فما بالُ خيالها!
ومن نصب النهارَ في قوله: هذا النهارَ احتمل أمرين، أحدهما: أن يكون ظرفاً لبدا، تقديره: بدا لها في هذا النهار.
والآخر: أن يكون على: زيداً مررتُ به، لأنَّ فيه المقدَّرة في قوله: هذا النّهار بدا لها فيه في موضعِ نصبٍ، كما أنَّ به في قولك: زيدٌ مررتُ به، كذلك.
فأمَّا فاعلُ زال في قولِ من رفع، فقال: زوالها فهو الزَّوالُ المرفوعُ، المضافُ
إلى ضمير المؤنَّث، ويدلُّ على جواز ذلك، وأنه مثلٌ، كما حكاه أحمدُ بن يحيى، ومحمدُ بن السَّريّ، عن أبي عمرو بن العلاء، قولُ أبي دوادٍ الإياديّ:
سألتْ معدٌّ هذه بجديةٍ ... من جارُ يقدمَ عامَ زوالها؟