أفعل، في قوله عز وجل: (هو أعلم من يضل عن سبيله)، على الفعل، الذي صار في قوله: (من يضل عن سبيله) في موضع نصب، ألا ترى أن (من) في موضع استفهام، والاستفهام إنما تعلق عنه الأفعال، ونحو أفعلُ لا يعلق قبله، كما لا يلغى، فهذا مثل شرق في البيت، لاجتماعهما جميعاً، على الدلالة على فعلٍ مضمر.
فأمَّا قوله: بالماء اعتصارى فموضعه نصبٌ، بأنه خبر كنت، والعائد إلى الاسم، الياء في اعتصارى.
وكالغصَّان في موضع حالٍ، والعاملُ فيه كنت، ولا يكون الخبر، لأنَّ الحال إذا تقدمت لم يعمل فيها معنى الفعل، كما يعمل في الظرف، إذا تقدمه.
ولا تكون الباء في قوله: بالماء كالجار في قوله تعالى: (إني لكما لمن النّاصحين)، ولكنه يتعلق بمحذوف في موضع خبر المبتدأ، ألا ترى أنك لو قلت: إني من الناصحين لكما، لتعلقت اللام بالنُّصح، ولو قلت: كنت مروري بزيد، لن تتعلق الباء بالمرور، إنما تتعلق بمحذوف.
وقال الأعشى:
هذا النهار بدا لها من همها ... ما بالها بالليل زال زوالها