من يحذف أنْ وينصبُ الفعلَ. حكى أبو عثمان، عن قطرب، أنه سمع من يقول:
ألا أيُّهذا الزاجري أحضرَ الوغى
بالنصب، وحكى أحمدُ بن يحيى: خذِ اللصَّ قبل يأخذك. وحكى أبو الحسن نحو ذلك، فهذا يدلُّك على أن الحذفَ عندهم بمنزلة الإثبات، في هذا الموضع، فكذلك يكون إذا حذف قبلَ الفعل الذي يكون معه فاعلاً. وحذفُ أنْ وإرادتها قد كثر، وما كثرَ كثرته لم ينبغ إحالته، وقال الفرزدق:
فحقُّ امرئٍ بين الوليد قناتهُ ... وكندةُ فوق المرتقى يتصعَّدُ
تقديره: أن يتصعَّد، فحذف أن، والمعنى: يتصعد فوق المرتقى، فتقدُّمُ فوقَ كتقدُّمِ بالعصا في قوله:
كان جزائي بالعصا أن أجلدا
أو بمنزلة قوله تعالى: (يومَ يرونَ الملائكةَ لا بشرى يومئذٍ للمجرمينَ). قال أبو الحسن: إنما يكون هذا في المجرور، والظرف بمنزلة المجرور، لأنّ الجارَّ مرادٌ معه.