وقال الأعشى:

ما بكاءُ الكبير بالأطلالِ ... وسؤالي وما يردُّ سؤالي

دمنةٌ قفرةٌ تعاورها الصَّيفُ بريحينِ من صباً وشمالِ

اعلم أنَّ قوله: سؤالي بعد قوله: بكاء الكبير حملٌ للكلام على المعنى، وذاك أنَّ الكبير لمَّا كان المتكلِّمَ في المعنى، حمل سؤالي عليه، ألا ترى أنَّ: ما بكاءُ الكبيرِ إنَّما هو: ما بكائي وأنا كبيرٌ! وبكاءُ الكبير بالأطلال، ممَّا لا يليقُ به، لأنه اهتياجٌ لصباً أو تصابٍ، وذلك ممّا لا يليقُ بالكبير، ومن ثمَّ قال الآخرُ:

أتجزعُ أنْ دارٌ تحمَّل أهلها ... وأنت امرؤٌ قد حلَّمتكَ العشائرُ

فحمل سؤالي على المعنى.

فأمَّا قوله: وما يردُّ سؤالي دمنةٌ قفرةٌ فإنّ ما تحتملُ ضربين، أحدهما: أن تكونَ استفهاماً في موضع نصب، كأنه قال: أيُّ شيءٍ يرجع عليك سؤالك من النَّفع؟ وقد

تقول: عاد عليَّ نفعٌ من كذا، وردَّ عليَّ كذا نفعاً، ورجع عليَّ منه نفعٌ، ويكون دمنةٌ منتصباً بالمصد، الذي هو سؤالي، فالبيتُ على هذا مضمَّنٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015