12- فَكَانَ عَظِيمًا أَنَّنِي قُلْتُ: مِنْهُمُ ... أَمِيرٌ وَمِنَّا يَا بَشِيرُ أَمِيرُ
فَلَمَّا فَرَغَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ شِعْرِهِ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا حُبَابُ، لَقَدْ قُلْتَ عَظِيمًا، لأَنَّهُ لا يَجْتَمِعُ فِي غِمْدٍ سَيْفَانِ، وَالْعَرَبُ لا تَرْضَى أَنْ يُؤَمِّرُوكُمْ [1] وَنَبِيُّهَا مِنْ غَيْرِكُمْ، وَلَكِنْ يُؤَمِّرُونَ [2] مَنْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فِيهِمْ، وَفِي الَّذِي قُلْتَ يَا حُبَابُ فَسَادٌ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا، اللَّهُ وَاحِدٌ، وَالإِسْلامُ وَاحِدٌ، وَالدِّينُ وَاحِدٌ، وَلا تَصْلُحُ الأُمُورُ وَالأَشْيَاءُ إِلا عَلَى وَاحِدٍ، لأَنَّهُ إِنْ جَرَى الْيَوْمَ إِمَامَانِ، جَرَى غَدًا إِمَامَانِ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الإِسْلامُ إِلا وَاحِدًا، فاتَّق اللَّهَ وَسَلِّمُوا هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ مِنْ قُرَيْشٍ.
قَالَ: فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لا تَلْتَفِتُوا إِلَى كَلامِ هَذَا وَأَصْحَابِهِ فَيَذْهَبُ نَصِيبُكُمْ مِنْ هَذَا الأَمْرِ، وَإِنْ أَبَى عَلَيْكُمْ هَؤُلاءِ فَأَجْلُوهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ/ وَتَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الأُمُورَ [3] ، فَقَدْ علمت العرب عزكم ومنعتكم في [4 أ] الجاهلية والإسلام، وو الله لا يَرُدُّ أَحَدٌ عَلَيَّ بَعْدَ هَذَا إِلا خَطَمْتُ أَنْفَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ: إِذَنْ يَقْتُلُكَ اللَّهُ يَا حُبَابُ [4] ، فَقَالَ الْحُبَابُ: بَلْ إِيَّاكَ يَقْتُلُ يَا عُمَرُ، [فَقَالَ عُمَرُ:] [5] لَقَدْ عَلِمَتِ الْعَرَبُ قَاطِبَةً أَنَّكُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَأَنْصَارُ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا فِي الإِسْلامِ، وشركاؤنا في الدين، وو الله مَا كُنَّا قَطُّ فِي خَيْرٍ وَلا شَرٍّ إِلا وَكُنْتُمْ مَعَنَا فِيهِ، وَأَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْنَا، وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيْنَا، وَأَنْتُمُ الْمُؤْثِرُونَ عَلَى أنفسهم في الخصاصة [6] ، وو الله ما زلتم تؤثرون إخوانكم من