بِالْهِجْرَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْقِتَالَ، وَنَقَلَهُ مِنْ دَارِهِ، فَكُنَّا أَنْصَارَهُ، وَكَانَتْ أَرْضُنَا مُهَاجَرَهُ وَقَرَارَهُ، ثُمَّ إِنَّكُمْ قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا فَقَاسَمْنَاكُمُ الأَمْوَالَ وَكَفَيْنَاكُمُ الأَعْمَالَ، وَأَنْزَلْنَاكُمُ الدِّيَارَ، وَآثَرْنَاكُمْ بِالْمَرَافِقِ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الإِسْلامِ، وَنَحْنُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فينا: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ 59: 9 [1] ، وَغَيْرَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لا يُنْكِرُهُ لَنَا مُنْكِرٌ، وَأُخْرَى، فَإِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِينَا مِنَ الْفَضَائِلِ الشَّرِيفَةِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ رَجُلا بِعَيْنِهِ، وَأَنْ مَا وَكَلَ النَّاسَ، إِنَّمَا وَكَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْجَامِعَةِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا يَجْمَعُ هَذِهِ الأُمَّةَ عَلَى الضَّلالِ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَلَنَا الإِمَامَةُ فِي النَّاسِ، فَهَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالسَّلامُ.
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ كَلامِهِ أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا ثَابِتُ، أَنْتُمْ لَعَمْرِي كَمَا وَصَفْتَ بِهِ قَوْمَكَ، لا يَدْفَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ دَافِعٌ/ وَنَحْنُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَهُّ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ 59: 8 [2] ، فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ أَكْرَمَكُمُ الله أن تكونوا الصادقين لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ 9: 119 [3] ، وَأُخْرَى، فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْعَرَبَ لا تُقِرُّ بِهَذَا الأَمْرِ إِلا لِقُرَيْشٍ، لأَنَّهُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَلَهُمْ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شئتم [4] .