الْمُلْكِ أَنَّهُ فِيهِمْ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ/ حَتَّى وقعت بينهم العداوة والشحناء، فجعل [42 أ] الْمُثَنَّى يُغِيرُ عَلَى أَسَاوِرَةِ الْفُرْسِ مِمَّنْ كَانَ بِنَاحِيَةِ الْكُوفَةِ وَسَوَادِهَا، وَيُؤْذِيهِمْ غَايَةَ الأَذَى، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُتَمَسِّكٌ بِدِينِ الإِسْلامِ.
قَالَ: وَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ فِعَالُهُ وَوَقْعُهُ [1] بِالْفُرْسِ، فَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: (وَيْحَكُمْ، مَنْ هَذَا [الَّذِي] يَأْتِينَا خَبَرُهُ وَوَقَائِعُهُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ خَبَرِهِ) ، قَالَ: فَوَثَبَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ وَقَالَ: (يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ غَيْرُ خَامِلِ الذِّكْرِ، وَلا مَجْهُولُ النَّسَبِ، وَلا بِقَلِيلِ الْعَدَدِ وَالْمَدَدِ، هَذَا الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيُّ) .
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَهُ رَئِيسًا عَلَى قَوْمِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخِلْعَةٍ وَلِوَاءٍ، وَأَمَرَهُ بِقِتَالِ الْفُرْسِ. قَالَ: فَجَعَلَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ يُقَاتِلُ الْفُرْسَ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ وَمَا يَلِيهَا، وَيُغِيرُ عَلَى أَطْرَافِهَا، فَلَمْ يَتْرُكْ لَهُمْ سَارِحَةً وَلا رَائِحَةً إِلا اسْتَاقَهَا، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ حَوْلا كَامِلا أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا بِابْنِ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ قُطْبَةَ [2] فَضَمَّ إِلَيْهِ جَيْشًا وَوَجَّهَهُ إِلَى نَحْوِ الْبَصْرَةِ، فَجَعَلَ يُحَارِبُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَالأُبُلَّةِ [3] وَمَا يَلِيهِمْ مِنَ الْفُرْسِ.
قَالَ: فَكَانَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ بِنَاحِيَةِ الْكُوفَةِ وَمَا يَلِيهَا، وَسُوَيْدُ بْنُ قُطْبَةَ بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ [4] وَمَا يَلِيهَا، وَهُمَا [5] يُحَارِبَانِ الْفُرْسَ ولا يفتران من ذلك.