كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ وَثَبَ إِلَيْهِ الأَشْعَثُ بْنُ قيس فقال: والله يا ابن سُرَاقَةَ لأَسْلَمْنَاكَ غَدًا إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ، قَضَى فِيكَ مَا قَضَى، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لِكِنْدَةَ مِنْ نَصْبِ الْحَرْبِ لِمِثْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي سَبَبِ نَاقَةٍ لا أَقَلَّ وَلا أَكْثَرَ، ثُمَّ أَنْشَأَ الأَشْعَثُ يَقُولُ:
(مِنَ الْخَفِيفِ)
1- عَجَبًا ما عجبت من حدث الدّه- ... ر وَمِنْ فِعْلِ حَارِثِ بْنِ سُرَاقَهْ
2- هَاجَ حَرْبًا يشيب من هولها الرأ ... س وَيُسْجِي بِهَا الْوَلِيدُ النَّاقَهْ
3- حَارِثُ خُذْهَا وَقَوْلُ بَنِي الْمُنْذِرِ ... فَمَاذَا يَكُونُ لَوْلا الْحَمَاقَهْ [1]
4- حَارِثُ أنت أشأم خلق اللّ- ... هـ فِي سَعْدِهَا وَيَوْمِ الْمَحَاقَهْ
قَالَ: فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ: يَا أَشْعَثُ، إِنَّ كَلامَكَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ نَاصِحٌ قَوْمَكَ غَدًا إِذَا وَافَاهُمْ جَيْشُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: وَاللَّهِ مَا أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ يَا حَارِثَةُ، فَكُنْ مِمَّا قُلْتَهُ عَلَى يَقِينٍ.
قَالَ: فَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَجَزَوْهُ خَيْرًا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ بَنِي عَمِّهِ [2] مِمَّنْ كَانَ مَعَ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ [3] :
(مِنَ الْكَامِلِ)
1- إِنْ تُمْسِ كِنْدَةُ نَاكِثِينَ عُهُودَهُمْ ... فاللَّه يَعْلَمُ أَنَّنَا لَمْ نَنْكِثِ [4]
2- وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنَا لَمْ نَأْلُهُمْ ... نُصْحًا وَمَنْ يَحْلِفْ بِهَا لَمْ يَحْنَثِ
3- وَالرَّاقِصَاتُ إِلَى مِنًى مَبْعُوثَةٌ ... تَهْوِي بركب من خزاعة شعّث [5]