خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مُقِيمٌ بِأَرْضِ الْيَمَامَةِ، وَقَدْ تَعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ مُظَفَّرٌ، فَوَجِّهْ بِهِ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ خَالِدًا لَكَمَا وَصَفْتُمْ، وَلَكِنَّ أَمِيرَهُمُ الَّذِي أَخْرَجُوهُ عَنْهَا هُوَ أَحَقُّ بِحَرْبِهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ جَيْشًا فَضَمَّهُمْ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ، وَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْقَوْمِ، فَسَارَ زِيَادٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يُرِيدُ حَضْرَمَوْتَ.

قَالَ: وَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِقَبَائِلَ كِنْدَةَ، فَكَأَنَّهُمْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِهِمْ يُقَالُ لَهُ أَبْضَعَةُ بْنُ مَالِكٍ [1] : يَا مَعْشَرَ كِنْدَةَ، إِنَّا قَدْ أَضْرَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا نَارًا لا أَظُنُّ أَنَّهَا تُطْفَأُ أَوْ تَحْرِقُ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، وَالرَّأْيُ عِنْدِي أَنْ نَتَدَارَكَ مَا فَعَلْنَا وَنُسْكِنَ هَذِهِ الثَّائِرَةَ الَّتِي ثَارَتْ، وَنَكْتُبُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَنُعْلِمُهُ بِطَاعَتِنَا، وَأَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْهِ زَكَاةَ أَمْوَالِنَا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ، وَإِنَّا قَدْ رَضِينَا بِهِ خَلِيفَةً وَإِمَامًا، مَعَ أَنِّي أَقُولُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَلَسْتُ بِخَارِجٍ مِنْ رَأْيِكُمْ، على أني أعلم ما تؤول أُمُورُكُمْ غَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ [2] :

(مِنَ الْوَافِرِ)

1- أَرَى أَمْرًا لَكُمْ فِيهِ سُرُورُ ... وَآخِرُهُ لَكُمْ فِيهِ نَدَامَهْ

2- وَمَا لِي بَعْدَ كِنْدَةَ مِنْ بَقَاءٍ ... وَمَا لِي بَعْدَ ظَعْنِكُمُ إِقَامَهْ

3- فَأَمْرِي أَمْرُكُمْ فِيهِ وَأَنِّي ... لَكُمْ مِمَّا أُحَاذِرُهُ سَلامَهْ

4- وَقَدْ رَجَعَتْ بَنُو أَسَدٍ وَكَانَتْ ... بَنُو أَسَدٍ وَذُبْيَانَ خُزَامَهْ

5- وَقَرَّتْ عَامِرٌ جَزَعًا فَأَمْسَتْ [3] ... مُطَوَّقَةً بِهَا طَوْقَ الْحَمَامَهْ

6- وَقَدْ رَجَعَتْ قَبَائِلُ مِنْ سُلَيْمٍ ... وَكَانَ حَدِيثُهُمْ فِي النَّاسِ شَامَهْ

7- وَقَدْ رَجَعَتْ بِبَلْدَتِهَا تَمِيمٌ ... فَمَا كَسَرَتْ بِرَجْعَتِهَا بِشَامَهْ [4]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015