قال: فلما فرغ أبو بكر رضي الله عَنْهُ مِنْ حَرْبِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، عَزَمَ عَلَى مُحَارَبَةِ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ مِنْ كِنْدَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَامِلَهُمْ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيَّ [3] الَّذِي كَانَ وَلاهُ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ [4] ، كَانَ مُقِيمًا بِحَضْرَمَوْتَ، يُصَلِّي بِهِمْ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ مَضَى رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لِسَبِيلِهِ، وَصَارَ الأَمْرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: (يَا هَذَا، إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا كَلامَكَ ودعائك إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ اجْتَمَعْنَا) ، قَالَ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ [5] : (يَا هَذَا، إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ) ، فَقَالَ الأَشْعَثُ: (إِنَّكَ لا تَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الأَمْرُ بَعْدَ ذَلِكَ) .
قَالَ: فَسَكَت زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الأَشْعَثِ بن قيس