قَالَ: فَسَارَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ فِيمَنْ مَعَهُ يُرِيدُ جَزِيرَةَ دَارِينَ [1] وَفِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ لَهَا إِلا طَرِيقٌ وَاحِدٌ، وَعَلَى طَرِيقِهَا قَوْمٌ يَحْرُسُونَهَا، فَلَمْ يَشْعُرِ الْحَرَسُ إِلا وَخَيْلُ الْمُسْلِمِينَ قَدْ وَافَتْهُمْ، فَقَتَلُوهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، وَدَخَلَتِ الْخَيْلُ إِلَى الْجَزِيرَةِ فَمَا تَرَكَتْ فِيهَا ذَكَرًا إِلا قَتَلُوهُ، إِلا مَا كَانَ مِنْ صِغَارِ الذُّرِّيَّةِ. وَاحْتَوَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَمِيعِ مَا كَانَ فِي الْجَزِيرَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَالأَمْوَالِ، وَانْصَرَفُوا إِلَى عَسْكَرِهِمْ، فَأَنْشَأَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ [2] :
(مِنَ الْبَسِيطِ)
1- ضَاقَ الْفَضَاءُ بِدَارِينَا [3] وَسَاكِنِهَا ... ذَرْعًا فَخُضْتُ إِلَى كُفَّارِ دَارِينِ [4]
2- مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى رَمَيْتُهُمُ ... وَسْطَ الْجَزِيرَةِ بِالصَّيْدِ الْمَيَامِينِ
3- لَمَّا رَأَوْنَا نَخُوضُ الْبَحْرَ نَحْوَهُمُ ... أَخْلَى عَنِ الْمَوْتِ أَصْحَابُ الْيَتَامِينِ [5]
4- ظَنُّوا الظُّنُونَ وَقَالُوا الْجِسْرُ دُونَهُمُ ... فَاسْتَغْلَبَ الْقَوْمُ مَنْ دون الأطارين [6]