ذِكْرُ رِدَّةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ [1]

قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ أَمْرِ الْيَمَامَةِ وَبَنِي حَنِيفَةَ وَقَتَلَ مُسَيْلِمَةَ، أَقَامَ بِأَرْضِ الْيَمَامَةِ يَنْظُرُ أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَعَزَمَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُوَجِّهَ بِجَيْشٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مُحَارَبَةِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَكَانَ مِنْ سَبَبِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَارْتِدَادِهِمْ عَنْ دِينِ الإِسْلامِ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ كَانُوا يُعَادُونَ قَبَائِلَ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَعَبْدُ الْقَيْسِ يَوْمَئِذٍ بِالْبَحْرَيْنِ مُتَمَسِّكُونَ بِدِينِ الإِسْلامِ، لَمْ يَرْتَدُّوا مَعَ مَنِ ارْتَدَّ، وَجَعَلَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ ارْتَدُّوا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:

(تَعَالَوْا حَتَّى نَرُدَّ الْمُلْكَ فِي دَارِ النُّعْمَانِ ابْنِ الْمُنْذِرِ [2] ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ) .

قَالَ: فَعَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ نَفَرٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَأَهْلِ الشَّرَفِ فِيهِمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ الْمُلُوكِ. فَقَالَ كِسْرَى: (مَا الَّذِي أَقْدَمَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ) ، فَقَالُوا: (أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُ قَدْ مَضَى ذَلِكَ الرَّجُلُ [مِنَ] الْعَرَبِ الَّذِي كَانَتْ قُرَيْشٌ وَسَائِرُ مُضَرَ يَعْتَزُّونَ بِهِ، يَعْنُونَ بِذَلِكَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَامَ بَعْدَهُ خَلِيفَةٌ لَهُ ضَعِيفُ البدن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015