الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَّاعَةَ، فَانْصَرَفَ مُجَّاعَةُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
(مِنَ الطَّوِيلِ)
1- يَلُومُ عَلَى بَنِي حَنِيفَةَ ضَلَّةً ... وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ لِلْعُلَى غَيْرُ وَاحِدِ
2- وَهَلْ يَنْهَضُ الْبَازِيُّ [1] إِلا بِرِيشِهِ ... وَهَلْ يَحْمِلُ الأَعْضَادَ غَيْرُ السَّوَاعِدِ
3- فَمَا لِي إِلا مَنْ بَقِي الْيَوْمَ مِنْهُمُ ... وَمَا مَنْ مَضَى مِنْهُمْ إِلَيَّ بِعَائِدِ
4- وَلَوْ قِيلَ أَفْدِي مَنْ مَضَى لَفَدَيْتُهُ ... بِنَفْسِي وَمَا لِي مِنْ طَرِيفٍ وَتَالِدِ
5- وَإِنْ كُنْتُ قَدْ خَاطَرْتُ فِيهِمْ بِمُهْجَتِي ... فَلَمْ أَجِدْ إِلا وَجْدَ جَدِّي وَوَالِدِي [2]
6- هُمَا مَا هُمَا كَانَا لِكُلِّ عَظِيمَةٍ ... تَهَابُ وَتَخْشَى رَأْيَ أَهْلِ الْمَحَامِدِ
7- فَأَحْيَيْتُ مَا أَحْيَا مُرَارَةُ [3] إِنَّهُ ... وَوَالِدُهُ كَانَا لِتِلْكَ الشَّدَائِدِ
8- وَقُلْتُ لِقَوْمِي قَلِّدُونِي أُمُورَكُمْ ... فَلَسْتُ لِمَا حَمَّلْتُمُونِي بِقَاعِدِ
9- وَلَوْ خَالِدٌ [4] كَانَ الْمُصَابَ بِقَوْمِهِ ... لَنَاظَرَ فِيهِمْ بِالْوَغَى وَالْمَكَائِدِ
10- لَقَالَتْ قُرَيْشٌ: خَالِدٌ سَيِّدُ الْوَرَى ... وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَطْعُ تِلْكَ الْقَلائِدِ
11- فَلَمْ يَنْقُضِ الْحَقَّ الْمَكِيدَةُ عِنْدَهُ ... وَلَكِنَّهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ زَائِدُ [5]
قَالَ: ثُمَّ جَمَعَ خَالِدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْغَنَائِمَ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا الْخُمُسَ، وَقَسَّمَ بَاقِي ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَبَعَثَ الْخُمُسَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَانْتَخَبَ خَمْسِينَ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَوَجَّهَ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَتَّى قَدِمَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَعَ الْخُمُسِ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ:
(يَا بَنِي حَنِيفَةَ، مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ أَزْمَعْتُمْ [6] عليه من أمر مسيلمة) .