قَالَ: وَكَانَ مُجَّاعَةُ أَرْسَلَ إِلَى الْحُصُونِ [1] فَأَمَرَ النساء أن يلبس الدُّرُوعَ وَالْمَغَافِرَ وَيَتَقَلَّدْنَ السُّيُوفَ، وَيَقِفْنَ عَلَى أَسْوَارِ الْحُصُونِ، حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِنَّ خَالِدٌ، فَلَمَّا نَظَرَ خالد إليهن قال: (يوحك يَا مُجَّاعَةُ، إِنِّي أَرَى الْحُصُونَ مَمْلُوءَةً رِجَالا وَسِلاحًا) ، فَقَالَ مُجَّاعَةُ: (قَدْ خَبَّرْتُكَ بِذَلِكَ أَيُّهَا الأَمِيرُ لَكِنَّكَ أَبَيْتَ أَنْ تُصَالِحَنِي) . قَالَ خَالِدٌ: (إِنِّي قَدْ صَالَحْتُكَ) [2] . فَصَالَحَهُ خَالِدٌ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَعَلَى ثُلُثِ الْكُرَاعِ وَرُبُعٍ مِنَ السَّبْيِ.
وَأَقْبَلَ مُجَّاعَةُ نَحْوَ الْحُصُونِ، فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ قَدْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا تَقُولُ [3] :
(مِنَ المتقارب)
1- مُسَيْلِمُ [4] لَمْ يَبْقَ إِلا النِّسَاءُ ... سَبَايَا لِذِي الْخُفِّ وَالْحَافِرِ
2- وَطِفْلٌ تُرَشِّحُهُ أُمُّهُ ... صَغِيرٌ مَتَى يُدْعَ يَسْتَأْخِرِ
3- فَأَمَّا الرِّجَالُ فَأَوْرَدْتَهُمْ [5] ... حَوَادِثَ مِنْ دَهْرِنَا الْغَابِرِ
4- فَلَيْتَ أَبَاكَ مَضَى حَيْضَةً ... وَلَيْتَكَ قَدْ كُنْتَ فِي الْقَابِرِ [6]
5- سَحَبْتَ عَلَيْنَا ذُيُولَ الْبَلاءِ ... وَجِئْتَ بِهِنَّ سَمَا قَاشِرِ [7]
6- أَلا يَا مُجَاعَةَ فَانْظُرْ لَنَا [8] ... فَلَيْسَ لَنَا الْيَوْمَ مِنْ نَاظِرِ
7- سِوَاكَ فَإِنَّا عَلَى حَالَةٍ ... يَرِقُّ لَهَا قلب ذا الكافر [9]