قَدْ أَحْدَقَتْ بِهِ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَأَخَذُوا امْرَأَتَهُ مَعَهُ، وَكَانَتْ بِهَا مُسَيْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ.
قَالَ: وَأَخَذُوا كُلَّ مَا كَانَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ، فَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَتَّى أَوْقَفُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَأَمَرَ خَالِدٌ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ بَنِي عَمِّهِ بَدْيًا [1] ، فَقَالَ الْقَوْمُ: (إِنَّا مُسْلِمُونَ فَعَلامَ تَضْرِبُ أَعْنَاقَنَا) ؟ قَالَ خَالِدٌ: (وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكُمْ) ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ مِنْهُمْ: (أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَقْتُلُوا مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَةِ) ، فَقَالَ خَالِدٌ:
(بَلَى قَدْ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، وَلَكِنَّكُمْ لَمْ تُصَلُّوا سَاعَةً قَطُّ) . قَالَ: فَوَثَبَ أَبُو قَتَادَةَ [2] إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَقَالَ: (إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِمْ) ، قَالَ خَالِدٌ: (وَكَيْفَ ذَلِكَ) ، قَالَ: (لأَنِّي كُنْتُ فِي السَّرِيَّةِ [3] الَّتِي قَدْ وَافَتْهُمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْنَا قَالُوا:
مَنْ أَنْتُمْ، قُلْنَا: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ أَذَنَّا وَصَلَّيْنَا وَصَلَّوْا مَعَنَا) . فَقَالَ خَالِدٌ: (صَدَقْتَ يَا قَتَادَةُ، إِنْ كَانُوا قَدْ صَلَّوْا مَعَكُمْ فَقَدْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَلا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِمْ) ، قَالَ: فَرَفَعَ شَيْخٌ مِنْهُمْ صَوْتَهُ يَقُولُ:
(مِنَ الْكَامِلِ)
1- يَا مَعْشَرَ الأَشْهَادِ إِنَّ أَمِيرَكُمْ ... أَمَرَ الْغَدَاةَ بِبَعْضِ مَا لَمْ يُؤْمَرِ [4]
2- حَرُمَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُنَا بِصَلاتِنَا ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنَا لَمْ نَكْفُرِ
3- إِنْ تَقْتُلُونَا تَقْتُلُوا إِخْوَانَكُمْ ... وَالرَّاقِصَاتِ إِلَى منى والمشفر [5]