وقيل: أرادت قف شعري فقام من الفزع. والوله ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد. وقولها: فوالحرمة والحرم، هذا من الحلف بغير الله وهو شرك، وقد وقع ذلك منها في زمن الجاهلية وهي إذ ذاك مشركة. وقولها: يدفّون حوله أي يسيرون سيرًا لينًا. والميمون طائره وخير من بُشّرت به مضر هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يبعد أن تكون إغاثة قريش بسبب كونه - صلى الله عليه وسلم - مع المستغيثين منهم، والله أعلم.
ومن الرؤيا الظاهرة رؤيا خالد بن سعيد بن العاص قبل إسلامه ما كان سببًا في إسلامه، وقد روى قصته محمد بن سعد في "الطبقات" عن محمد بن عمر – وهو الواقدي – قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: كان سلام خالد بن سعيد قديمًا وكان أول إخوته أسلم، وكان بدء إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم، ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذًا بحقويه لئلا يقع، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إن هذه لرؤيا حق، فلقي أبا بكر بن قحافة فذكر ذلك له فقال أبو بكر: أريد بك خير، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها، وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: «أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري مَنْ عَبَده ممن لم يعبده»، قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله؛ فسَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامه. وتغيب خالد وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعًا مولاه فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم قال: اتبعت محمدًا وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم، فقال خالد: قد صدق والله واتبعته فغضب أبو أحيحة ونال من ابنه وشتمه ثم قال: اذهب يا لكع حيث شئت فوالله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به،