فسألنا يومًا فقال: «هل رأى منكم الليلة رؤيا»، قال: فقلنا: لا، قال: «لكن أنا رأيت رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض فضاء أو أرض مستوية فمرا بي على رجل ورجل قائم على رأسه بيده كلوب من حديد فيدخله في شدقه فيشقه حتى يبلغ قفاه ثم يخرجه فيدخله في شقه الآخر ويلتئم هذا الشق فهو يفعل ذلك به، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقت معهما فإذا رجل مستلق على قفاه ورجل قائم بيده فهر أو صخرة يشدخ بها رأسه فيتدهدى الحجر فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع مثل ذلك فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق، فانطلقت معهما فإذا بيت مبني على بناء التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق، فانطلقت فإذا نهر من دم فيه رجل وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فيقبل الرجل الذي في النهر فإذا دنا ليخرج رمى في فيه حجرًا فرجع إلى مكانه فهو يفعل ذلك به، فقلت: ما هذا؟ فقالا: انطلق، فانطلقت فإذا روضة خضراء فإذا فيها شجرة عظيمة وإذا شيخ في أصلها حوله صبيان وإذا رجل قريب منه بين يديه نار فهو يحششها ويوقدها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارًا لم أر دارًا قط أحسن منها فإذا فيها رجال شيوخ وشباب وفيها نساء وصبيان فأخرجاني منها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل منها فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني منذ الليلة فأخبراني عما رأيت؟ فقالا: نعم. أما الرجل الأول الذي رأيت فإنه رجل كذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه في الآفاق فهو يصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة ثم يصنع الله تبارك وتعالى به ما شاء، وأما الرجل الذي رأيت مستلقيًا فرجل آتاه الله تبارك وتعالى القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه بالنهار فهو يفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة، وأما الذي رأيت في التنور فهم الزناة، وأما الذي رأيت في النهر فذاك آكل الربا، وأما الشيخ الذي في أصل الشجرة فذاك إبراهيم عليه السلام، وأما الصبيان الذي رأيت فأولاد الناس، وأما الرجل الذي رأيت يوقد النار ويحششها فذاك مالك خازن النار وتلك النار، وأما الدار التي دخلت أولاً فدار عامة المؤمنين، وأما الدار الأخرى فدار