إلا من زوجة جديدة فحلف لها عدة أيمان أنه لم يتزوج وأخبرها بما رآه في منامه وأن هذه الرائحة الطيبة قد علقت بيده حين صافح بها عبد العزيز بن يحيّان في النوم.
قال الذين حدثوا بهذه القصة: إن الذين حدثوهم بها أخبروهم أن رائحة الطيب بقيت في يد حمد السيف مدة أيام مع أنه كان يغسلها للوضوء ولغير ذلك مما يسن له غسل الأيدي وما يستحب له. وقد ذكر بعض الراوين للقصة أن رائحة الطيب بقيت في يد حمد السيف نصف شهر وقال بعضهم: بل إنها بقيت أكثر من ذلك.
قلت: ويشهد لهذه القصة ما تقدم نقله من كتاب "الروح" لابن القيم أن نافع القاري كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسلك فقيل له: كلما قعدت تطيّبت، فقال: ما أمس طيبًا ولا أقربه ولكن رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يقرأ في فمي فمن ذلك الوقت يشم من فيَّ هذه الرائحة.
ويشهد لها أيضًا ما جاء في قصة للخطيب ابن نُباتة – واسمه عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نُباتة الحُذاقي الفارقي – وقد ذكر هذه القصة ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" في ترجمة ابن نباتة وذكرها ابن كثير في "البداية والنهاية" وقد جاء فيها أن ابن نُباتة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفل في فيه وأنه بقي بعد هذا المنام أيامًا لا يأكل الطعام ولا يشتهيه ويوجد من فيه رائحة المسك ولم يعش بعد ذلك إلا مدة يسيرة.
ويشهد لها أيضًا ما ذكره الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي قال: قرأت بخط شيخنا أبي الحسن بن الزاغوني قال: كشف عن قبر أبي محمد البربهاري وهو صحيح لم يَرِمْ وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام – يعني بغداد – وقوله: لم يَرِمْ: معناه لم يبرح على الحال التي دفن عليها.