كتاب الرؤيا (صفحة 17)

كلام ابن الأثير وغيره على قوله صلى الله عليه وسلم (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان)

وأربعين جزءًا من النبوة» معنى هذا الكلام تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده. ونقل العيني في "عمدة القاري" عن الزجاج أنه قال تأويل قوله: «جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» أن الأنبياء عليهم السلام يخبرون بما سيكون والرؤيا تدل على ما يكون. انتهى. وذكر الخطابي عن بعض العلماء أنه قال: معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة، لا أنها جزء باق من النبوة. وقال آخر: معناه أنها جزء من أجزاء علم النبوة باقٍ، والنبوة غير باقية بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له». انتهى.

الثالثة: أن الرؤيا من الله والحُلْم من الشيطان. قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": الرؤيا والحُلْم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحُلْم على ما يراه من الشر والقبيح. ومنه "أضغاث أحلام" ويستعمل كل منهما موضع الآخر، وتضم لام الحُلم وتسكن. ومنه الحديث: «من تَحلَّم كلّف أن يعقد بين شعيرتين» أي قال: إنه رأى في النوم ما لم يره. يُقال: حَلَم بالفتح إذا رأى، وتَحَلَّم إذا ادعى الرؤيا كاذبًا. انتهى.

وقال الجوهري: الحُلْم بالضم ما يراه النائم تقول منه حَلَم بالفتح واحتلم، والحِلْم بالكسر الأناة تقول منه حَلُم الرجل بالضم وتَحَلَّم تكلف الحِلْم، وتحالم أرى من نفسه ذلك وليس به. انتهى. وقال النووي: أما الحُلْم فبضم الحاء وإسكان اللام، والفعل منه حَلَم بفتح اللام. انتهى.

الرابعة: أنه إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب. وقد ذكر الخطابي وغيره من العلماء في معنى اقتراب الزمان قولين، أحدهما: أنه قرب زمان الساعة ودنو وقتها. والثاني: أن معنى اقترب الزمان اعتداله واستواء الليل والنهار. قال الخطابي والمعبرون: يزعمون أن أصدق الرؤيا ما كان في أيام الربيع ووقت اعتدال الليل والنهار.

قلت: والقول الأول هو الصحيح وقد جاء النص على ذلك في رواية أيوب السختياني عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015