يموت. فالرؤيا أمثال مضروبة يضربها الملَك الذي قد وَكَّلَه الله بالرؤيا ليستدل الرائي بما ضرب له من المثل على نظيره. ويعبر منه إلى شبهه، ولهذا سمي تأويلها تعبيرًا، وهو تفعيل من العبور كما أن الاتعاظ يسمى اعتبارًا وعبرة لعبور المتعظ من النظير إلى نظيره. انتهى.
وذكر البغوي في "شرح السنة" عن شيخه القاضي حسين بن محمد المرورّوذي أنه قال: إعلم أن تأويل الرؤيا ينقسم أقسامًا فقد يكون بدلالة من جهة الكتاب أو من جهة السنة، أو من الأمثال السائرة بين الناس. وقد يقع التأويل على الأسماء والمعاني، وقد يقع على الضد والقلب. قال: والتأويل بدلالة الحديث كالغراب يعبّر بالرجل الفاسق لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه فاسقًا والفأرة تعبّر بالمرأة الفاسقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها فويسقة، والضلع يعبر بالمرأة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المرأة خلقت من ضلع أعوج»، والقوارير تعبّر بالنساء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أنجشة رويدك سوقًا بالقوارير». والتأويل بالأمثال كالصائغ يعبّر بالكذاب لقولهم: أكذب الناس الصواغون وحفر الحفرة يعبّر بالمكر لقولهم: من حفر حفرة وقع فيها. والحاطب يعبّر بالنمام لقولهم: لمن وشى إنه يحطب عليه وفسروا قوله سبحانه وتعالى: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] بالنميمة، ويعبّر طول اليد بصنائع المعروف لقولهم: أطول يدًا من فلان، ويعبّر الرمي بالحجارة وبالسهم بالقذف لقوهم: رمى فلانَا بفاحشة قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ويعبّر غسل اليد باليأس عما يأمل لقولهم: غسلت يدي عنك.
والتأويل بالأسامي كمن رأى رجلاً يسمى راشدًا بالرشد وإن كان يسمى سالمًا يعبّر بالسلامة.
وأما التأويل بالضد والقلب فكالخوف في النوم يعبّر بالأمن لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [النور: 55] والأمن فيه يعبّر بالخوف،