وفاتته الأخرى فكتب بذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك: هنيئًا يا أبا محمد فبلغ ذلك ابن سيرين، فقال: أخطأت استه الحفرة، هذه فتنتان يدرك إحداهما وتفوته الأخرى، قال: فأدرك الجماجم وفاتته الأخرى.
قلت: أما الجماجم فهي الفتنة التي كانت بين الحجاج وابن الأشعث وكان ابتداؤها في سنة إحدى وثمانين وانتهت في سنة ثلاث وثمانين. وأما الفتنة الثانية التي فاتت الحجاج ولم يدركها فهي فتنة يزيد بن المهلب، وكان ابتداؤها في سنة إحدى ومائة وانتهت في سنة اثنتين ومائة، وكان بين موت الحجاج وبين ابتدائها خمس سنين.
ومن المنامات التي أوّلها ابن سيرين ما رواه أبو نعيم في "الحلية" عن مغيرة قال: رأى ابن سيرين كأن الجوزاء تقدمت الثريا فأخذ في وصيته وقال: يموت الحسن وأموت بعده هو أشرف مني. وقد رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في كتابه "المعرفة والتاريخ" عن ابن نمير حدثنا أبو بكر – يعني ابن عياش – عن مغيرة بن حفص قال: سئل ابن سيرين فقال: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا، فقال: هذا الحسن يموت قبلي ثم أتبعه وهو أرفع مني.
وروى ابن عساكر في "تاريخه" عن هشام – وهو ابن حسان – عن ابن سيرين قال: لما مات الحسن بن أبي الحسن رأت امرأته في المنام كأنما لحقت الجوزاء بالثريا فاجتمع الناس ينظرون ويتعجبون، فقال رجل: ما تعجبون من هذا، ابعثوا إلى ابن سيرين يعبره لكم، قال: فأصبحت المرأة فأتت ابن سيرين فأخبرته فبكى ابن سيرين وقال: جزاكم الله خيرًا، أما الثريا فالحسن وأما الجوزاء فأنا فألحق به فعاش أحدًا وثمانين يومًا بعد الحسن.
ومن الأحلام التي أوّلها ابن سيرين ما رواه أبو نعيم في "الحلية" عن الحارث بن مشقف قال: قال رجل لابن سيرين: إني رأيت كأني ألعق عسلاً من جام من جوهر، فقال: اتق الله وعاود القرآن فإنك رجل قرأت القرآن ثم نسيته، قال: وقال رجل لابن سيرين: رأيت كأني أحرث أرضًا لا تنبت، قال: أنت رجل تعزل عن امرأتك.
ومن تأويله أيضًا ما رواه أبو نعيم في "الحلية" عن مبارك بن يزيد