كتاب الرؤيا (صفحة 137)

الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

قال النووي في "شرح مسلم": هذا الحديث دليل لما قاله العلماء أن إبرار المقسم المأمور به في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم تكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة، فإن كان لم يؤمر بالإبرار لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبر قسم أبي بكر لما رأى في إبراره من المفسدة، ولعل المفسدة ما علمه من سبب انقطاع السبب مع عثمان وهو قتله وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه فكره ذكرها مخالفة من شيوعها، أو أن المفسدة لو أنكر عليه مبادرته ووبخه بين الناس، أو أنه أخطأ في ترك تعيين الرجال الذين يأخذون بالسبب بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان في بيانه - صلى الله عليه وسلم - أعيانهم مفسدة والله أعلم، قال: وفيه أنه لا يستحب إبرار المقسم إذا كان فيه مفسدة أو مشقة ظاهرة. انتهى.

ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن مسروق قال: مرّ صهيب بأبي بكر فأعرض عنه، فقال: ما لك أعرضت عني أبلغك شيء تكرهه، قال: لا والله إلا لرؤيا رأيتها كرهتها، قال: وما رأيت؟ قال: رأيت يدك مغلولة إلى عنقك على باب رجل من الأنصار يقال له أبو الحشر، فقال أبو بكر رضي الله عنه: نِعمَ ما رأيت جمع لي ديني إلى يوم الحشر.

ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي قلابة أن عائشة رضي الله عنها قالت لأبيها: إني رأيت في النوم كأن قمرًا وقع في حجرتي حتى ذكرت ذلك ثلاث مرات، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن صدقت رؤياك دفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، رجاله رجال الصحيح إلا أنّه مرسل لأن أبا قلابة لم يرو عن عائشة مباشرة.

وروى مالك في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها قالت: رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حَجْري "حجرتي" فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت: فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك وهو خيرها، وهذا فيه انقطاع لأن يحيى بن سعيد لم يدرك عائشة رضي الله عنها، وقد رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015