وقال أبو هلال العسكري في كتابه ((الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه)) (?): ((وحكي عن ثعلب - أحمد بن يحيى الشيباني الكوفي البغدادي، أحد أئمة النحو واللغة والأدب والحديث الشريف والقراءات، المولود سنة 200، والمتوفي سنة 291 رحمه الله تعالى - أنه كان لا يفارقه كتاب يدرسه، فإذا دعاه رجل إلى دعوة، شرط عليه أن يوسع له مقدار مسورة - هي المتكأ من الجلد - يضع فيها كتابا ويقرأ.
وكان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق، فصدمته فرس فألقته في هوة، فأخرج منها وهو كالمختلط - أي المشوه العقل -، فحمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، رحمه الله تعالى (?).
وهذا الإمام ابن جرير الطبري شيخ المفسرين والمحدثين والمؤرخين، والإمام المجتهد العظيم، كان رحمه الله تعالى آية من الآيات، في استفادته من الوقت وحفاظه على ملئه بالتعلم والتعليم والكتابة والتأليف، حتى بلغت مؤلفاته من الكثرة - مع الإبداع والإتقان - العدد العجاب.