والواردات سريعة الزوال، تمر أسرع من السحاب، وينقضي الوقت بما فيه، فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه، فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، لهذا يقال للسعداء في الجنة: (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) (?)، ويقال للأشقياء المعذبين في النار: (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق، وبما كنتم تمرحون) (?). انتهى بتصرف يسير.
جميع المصالح تنشأ من الوقت ... فمن أضاعه لم يستدركه أبداً
وقال الإمام ابن القيم أيضاً، في كتابه ((الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)) (?): ((أعلى الفكر وأجلها وأنفعها ما كان الله والدار الآخرة، فما كان لله فهو أنواع، ... ، النوع الخامس: الفكرة في واجب الوقت ووظيفته، وجمع الهم (?) كله عليه، فالعارف ابن وقته، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت، فمتى أضاع الوقت لم يستدركه أبداً!
قال الشافعي رضي الله عنه: صحبت الصوفية، فلم أستفد منهم سوى حرفين، أحدهما قولهم: الوقت سيف، فإن لم تقطعه قطعك، وذكر الكلمة الأخرى، و: نفسك إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل.