مخافة باب واحد من الحرام، وهذا طريق قد مات أهله، فمن سلكه فقد أحياهم فأما أموال التجار والصناع والمتصرفين في المعايش المباحة بالأسباب الجائزة في العلم، مع موافقة الكتاب والسنّة فهي شبهات، ثم تتنوع بنوعين: فتكون شبهة حلال إذا عاملت المتّقين وأخذت من الورعين، وتكون شبهة حرام إذا عاملت قليلي التقوى والورع، وأما غير ذلك من أموال الجند فإنه حرام لفساد سببه ولمخالفة الأحكام، فما كان عن معاملة لهم وكسب ولم تعلم شيئاً بعينه غصباً ولا جناية فهو أسهل، وما علمته فهو نص الحرام، فاللّّه الله في نفسك انظر أيها المسكين لمعادك واحفظ لدينك، فإنّ كسبك من دينك وطمعتك من إيمانك، فإن تهاونت بذلك فقد تهاونت بالدين، ونبذت الأحكام وضيعت اليوم نفسك ولم تنظر فيما قدمت لغد ونعوذ بالله من سوء القضاء، ويقال إنّ العدو إذا ظفر من العبد بسوء الطعمة لم يعترض عليه في الأعمال، وقال: قد ظفرت منك بحاجتي، اعمل الآن ما شئت ولم يعد عليه من أعماله إلاّ ظلمة في قلبه، وقسوة وضعفاً في عزيمة، وفتوراً ومعصية وحرم التوفيق والعصمة، ولم يورث علم المكتوب والحكمة، فإن كان المتصرف في السوف على الوصف المكروه، مخالفاً للعلم في تصرفه مفارقاً للأحكام لايبالي من أي وجه ظهر وبأي سبب عليه قدر، غير متّقٍ في كسبه ولا مرعٍ لدين الله عزّ وجلّ فيه وحكمه، فهوآكل للمال بالباطل قاتل لنفسه مفسد لدينه غاشٍِ للمسلمين، والله لا يصلح عمل المفسدين كما لايضيع أجر المصلحين، ومع ذلك فهو غير ناصح لله عزّ وجلّ ولخلقه في الدين، مقامه في
الظلم وحاله الهوى، واللهّ لا يحب الظالمين، فهو مأمور بالتوبة في جميع تصرفه مفترض عليه الإنابة في جميع تقلبه قبل أنّ يبغته الموت ويفجأ الفوت، فيلقى الله تعالى ظالماً ذا هوى فقد قال تعالى: (وَمَنْ لَمَْ يَتُبْ فأوُلئِك هُمُ الظَّالمُِونَ) الحجرات: 11، وقال تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقلَبٍ يَنْْقَلِبُونَ) الشعراء: 227، وقال بعض الحكماء: الدنيا بحر عجاج والتجار فيه غاصة، فواحد يغوص فيخرج دراً، وهؤلاء أبناء الآخرة الذين لها يعملون، وآخر يغوص فيخرج آجراً وهؤلاء عمال الدنيا الذين عليها يحرصون، وآخر يخرج سمكاً، وهؤلاء المقتصدون، وآخر في قعره قد غرق، وهؤلاء المطرودون عن الطاعة إلى الأسواق كلما أرادوا أعمال البرّ طردوا عنها إلى السوق وشغلوا، فقد غرقوا في بحر الخطايا، وآخر طاف مع الأمواج يضطرب يطلب النجاة، كلما رفعته موجة طمع في النجاة ثم تغطيه موجة أخرى فيخاف الهلكة، وهؤلاء المريدون الاستقامة في زماننا هذا، ترفعهم التوبة إلى النجاة وتحطهم العادة إلى الهلكة. لم وحاله الهوى، واللهّ لا يحب الظالمين، فهو مأمور بالتوبة في جميع تصرفه مفترض عليه الإنابة في جميع تقلبه قبل أنّ يبغته الموت ويفجأ الفوت، فيلقى الله تعالى ظالماً ذا هوى فقد قال تعالى: (وَمَنْ لَمَْ يَتُبْ فأوُلئِك هُمُ الظَّالمُِونَ) الحجرات: 11، وقال تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقلَبٍ يَنْْقَلِبُونَ) الشعراء: 227، وقال بعض الحكماء: الدنيا بحر عجاج والتجار فيه غاصة، فواحد يغوص فيخرج دراً، وهؤلاء أبناء الآخرة الذين لها يعملون، وآخر يغوص فيخرج آجراً وهؤلاء عمال الدنيا الذين عليها يحرصون، وآخر يخرج سمكاً، وهؤلاء المقتصدون، وآخر في قعره قد غرق، وهؤلاء المطرودون عن الطاعة إلى الأسواق كلما أرادوا أعمال البرّ طردوا عنها إلى السوق وشغلوا، فقد غرقوا في بحر الخطايا، وآخر طاف مع الأمواج يضطرب يطلب النجاة، كلما رفعته موجة طمع في النجاة ثم تغطيه موجة أخرى فيخاف الهلكة، وهؤلاء المريدون الاستقامة في زماننا هذا، ترفعهم التوبة إلى النجاة وتحطهم العادة إلى الهلكة.
وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا، وأوحى الله عزّ