الدنيا كان أقل للحساب، قلت له: إنّ رجلاً قال: إنّ أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث ليس هما عندي زهاد، أحمد له خبز يأكله وبشر له دراهم تجيئه من خراسان، فتبسم أبو عبد الله ثم قال: من الزهاد أنا، وسمعته يقول: وقع للتيمي فضرب فيه فسطاطاً أو خباء عشرين سنة، وسمعته يقول: وذكر قوماً من المترفين فقال: الدنو منهم فتنة والجلوس معهم فتنة، قلت لأبي عبد الله: إنّ مولى ابن المبارك حدثني أنّ سعيد بن عبد الغفار قال لابن المبارك: ما تقول إذا نزل دار من تكره ناحيته بأجر قال: لا بأس بها، قلت لأبي عبد الله: فإذا أجاز الذي تكره ناحيته رجلاً فاشترى دار غلة ترى إن أنزلها بأجر قال: لا، قال أبو وهب: قال أبو عبد الله يعني المبارك في رجل يشتري جارية من رجل فإذا هي صافنة قال: يردها على الذي كانت له ولا يردها على الذي اشتراها منه وهي صافنة، وذكره عن سفيان عباس العنبري عن رجل قال: كنت مع عبد الرحمن بن مهدي بعبادان، وكنا نغسل أيدينا من ماء السيل وكان هو لا يفعل، يأمر غلامه فيجيء من ماء البحر عبد الصمد ابن مقاتل، قال: كانوا يكتبون الكتاب ولا يتربونه من دور السيل، يرسلون فيأخذون من طين البحر، قال: وكتب إلينا ابن حشرم وكتب في كتابه أنّ بشراً كان لا يشرب بعبادان من الحياض التي اتخذها الملوك، وكان يشرب من ماء البحر.
وروينا عن سعيد بن خيثم عن محمد بن خالد قال: مرّ إبراهيم النخعي على امرأة يقال لها أم بكر من مراد وهي تغزل فقال: يا أمّ بكر، أما آن لك أن تتركينه فقالت: يا أبا عمران كيف أتركه وقد سمعت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إنه من أطيب الكسب، قلت لأبي عبد الله: إنّ حسناً مولى ابن المبارك حكى عن سعيد بن عبد الغفار أنه قال لابن المبارك: ما تقول في رجلين دخلا على من تكره ناحيته فأجازهما، فقبل واحد ولم يقبل الآخر فخرج الذي قبل، فاشترى منه الذي لم يقبل، ما تقول؟ فسكت ابن المبارك فقال له ابن سعيد: ما يسكتك، لِمَ لا تجيبني فقال: لو علمت أنّ الجواب خير لي لأجبتك، قال سعيد: أليس أصلنا على الكراهة: قال ابن المبارك: نعم فقال أبو عبد الله: ومن يقوى على هذا؟ قال له: فما تقول في رجل أجازه فاشترى داراً؟ ترى أن أنزلها فسكت ابن المبارك فقال: لِمَ لا تجيبني فقال: هذا أضيق أكره أن أجيبك فقلت له: إنّ الثوري قال: ما في أيدي الحشم سحت فأنكر أبو عبد الله أنّ عبد الوهاب قال في الرجل: يجاز ثم يدفعها إلى الآخر إنّ المال عنده شيء واحد فقال: هذا شديد قلت: إذا أعطي تكرهه للأوّل، والثاني لا ترى به بأساً قال: إنما اكرهه للأوّل من طريق المحاباة، والثاني ليس هو مثل عطية الأوّل، قال: من أعطى هذا المال أو حوبي على أثره فليقبل وليفرق كما فعل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بعث عمر رضي الله عنه بمال