الأرض أضمر قوله بغير نفس قتلها أو بغير فساد في الأرض فاكتفى عنه بذكر غير الأولى وكذلك قوله: (مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأرْض) آل عمران: 83 معناه ومن في الأرض وكذلك قوله: (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِينِ) التين: 7 هو متصل بقوله سبحانه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أحْسَنِ تَقْويمٍ) التين: 4 وفصل بينهما النعت والاستثناء والمعنى فما يكذبك بعد هذا البيان أيها الإنسان بالديانة فأي شيء يحملك على التكذيب بأن تدين اللّّه تعالى وهو أحكم الحاكمين ومن المبدل المضمر أيضاً: (إذاً لأذَقنَاكَ ضِعْفَ الحَياةِ وَضِعْفَ المَماتِ) الإسراء: 75 المعنى ضعف عذاب الأحياء وضعف عذاب الموتى فأضمر ذكر العذاب وأبدل الأحياء والموتى بذكر الحياة فأقام الوصف مقام الاسم، ويصلح أيضاً أن يترك الوصف على لفظه ويضمر أهل فيكون ضعف عذاب أهل الحياة وضعف عذاب أهل الممات كما أضمر أهل في ذكر القرية وذكر العير فقال: (وَسئَلِ القرْيَةَ التي كُنَّا فِيها والعَيْرَ التي أقبَلْنَا فيهَا) يوسف: 82 والمعنى: واسأل أهل القرية وأسأل أهل العير، ومن هذا المعنى قوله تعالى: (ثَقُلَتْ في السَّمَواتِ وَالأَرْضِ) الأعراف: 187 هو من المبدل المضمر، فمبدله ثقلت ومعناه خفيت، أبدل بدلالة المعنى عليه لأن الشيء إذا خفي علمه ثقل وكذلك قوله في السموات معناه على ومضمر أهل والمعنى خفيت على أهل السموات وأهل الأرض لا تأتيكم إلا بغتة يعني فجأة، ومنه قوله عزّ وجلّ: (تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُف) يوسف: 85 فيه مضمر ومحذوف، فمحذوفه تزال؛ ومضمره لا التي هي جواب القسم، والمعنى: قالوا تاللّّه لا تزال تفتؤا تذكر يوسف فأضمرت لا وأبدلت تزال بقوله تفتؤا وهي من مختصر الكلام وفصيحه وبليغه وهي لغة لبعض العرب وفي القرآن من كل لغة.
ومن هذا قوله عزّ وجلّ: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُون) الواقعة: 82 وقوله سبحانه: (بَدَّلُوا نِعْمَتَ الله كُفْراً) إبراهيم: 28 معناه تجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون وكذلك بدلوا شكر نعمة الله كفراً بها ومثله (فَكَأيّن مِنْ قَرْيَةٍ أهْلَكْنَاهَا) الحج: 45: (وَكَأيّن مِنْ قَرْيَةٍ أمْلَيْتُ لَهَا) الحج: 48 معناه أهل قرية مثل قوله: (وَسئَلِ العَيْرَ) يوسف: 82 المعنى أهل العير والعير هي الإبل المجهولة وهذا الذي تسميه النحويون المجاز، وهكذا قوله: (إنَّ هَذَ القُرْآنَ يَهْدِي لِلًَّتي هِيَ أَقْوَمْ) الإسراء: 9 معناه للطريقة التي هي أقوم، ومثل هذا قوله عزّ وجلّ: (وَقُلْ لِعَبادي يَقُولُوا الَّتي هِي أَحَسَنُ) الإسراء: 53 أي يقولوا الكلمة التي هي أحسن ومثل هذا قوله: (ادْفَعْ بِالَّتي هِي َ أَحْسَنُ السَيِّئَةَ) المؤمنون: 96 أي بالكلمة أو بالفعلة التي هي أحسن ومثل قوله: (إِنَّ الذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى) الأنبياء: 101 أي الكلمة الحسنى والوجه الآخر أن الحسنى اسم لا نعت فمعناه الجنة وهكذا قوله: (عَلى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) البقرة: 102 أي على عهد