عليها وكبحتها ملكتها فلعلها أن تطوع لك.
وكان الشافعي رضي الله عنه يقول ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك وإن أهنتهم أكرموك، المرأة والخادم والنبطي. وكان نساء العرب يعلمن أولادهن اختبار أزواجهن. كانت المرأة إن أنكحت ابنتها قال: يا بنية، اختبري حليلك قبل أن تقدمي عليه، انزعي زج رمحه فإن سكت لذلك فقطعي اللحم على ترسه، فإن أقرّ فكسّري العظام بسيفه، فإن صبر فاجعلي الأكاف على ظهره وامتطيه فإنما هو حمار.
وأوصى أسماء بن خارجة الفزاري، وكان من حكماء العرب، ابنته ليلة زفافها فقال: يا بنية، قد كانت والدتك أحق بتأديبك مني لو كانت باقية، وأما الآن فإني أحق بتأديبك من غيري افهمي عني ما أقول: إنك قد خرجت من العش الذي فيه درجت وصرت إلى فراش لا تعرفينه وقرين لم تألفيه، كوني له أرضًا يكون لك سماء وكوني له مهادًا يكون لك عمادًا فكوني له أمة يكون لك عبدًا، لا تلحفي به فيقلاك ولا تتباعدي عنه فينساك، إذا دنى فاقربي منه وإن نأى فابعدي عنه، واحفظي أنفه وسمعه وعينه، لا يشم منك إلاّ طيباً ولا يسمع إلاّ حسنًا ولا ينظر إلاّ جميلاً وأنا الذي أقول لأمك ليلة ينائي بها:
خذي العفة مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرك الدفّ مرة ... فإنك لا تدرين ماذا المغيب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
وأوصى بعض العرب بنيه فقال: لا تنكحوا من النساء ستة، أنانة ولا منانة ولا حنانة ولا حداقة ولا براقة ولا شداقة، تفسير ذلك الأنانة وهي التي تعصب رأسها كثيرًا وتكثير الأنين والتوجع والتشكي والمنانة التي تمن على زوجها تقول: فعلت بك وفعلت فأنا أفعل وأفعل والحنانة تكون على وجهين، تكون ذات ولد من غيره فهي تحن إليه وقد تكون ذات زوج قبله فيحن قلبها إليه. وقوله حداقة هي التي تومئ بحدقتها فتشتري كل شيئ وتطالب زوجها بما تشتهيه من كل شيئ، وقد تلحظ الرجال كثيرًا كما يلاحظ بعض الرجال النساء، والبراقة تحتمل تأويلين، أحدهما أنّ تكون غضوبًا في الطعام فتبرق لقلته أو لسوء خلقها ولا تكاد البراقة للمأكول أن تأكل إلاّ وحدها لشرهها، وتكون أيضاً تستقل نصيبها من كل شيئ وهذه لغة يمانية نعرفها فأشبه عندهم يقال: قد برقت المرأة وبرق الصبي الطعام إذا غضب عليه، والوجه الثاني من البراقة أنْ تكون من البريق أنْ تكثر صقال وجهها. وخضابه في بروقه أبدًا، وأما الشداقة فهي التي تشدق بكثرة الكلام وتكون ذربة اللسان مفوّهة في النطق.
ومن ذلك الخبر الذي جاء أنّ الله عزّ وجلّ يبغض الثرثارين من المتشدقين. وفي قصة الرجل السائح الأزدي أنه لقي إلياس عليه السلام في سياحته، فأمره بالتزويج وقال: هو خير لك، ونهاه عن التبتل وقال: لا تنكح من النساء أربعًا وأنكح من سواهن