إلى غلام لها تفاحة قد أكلت بعضها فضربها. وقد كان عمر يقول: أعروا النساء يلزمن الحجال وقال أيضاً: عودوا نساءكم لا، وتكلم مرة في شيئ من الأمر فأخذت امرأته تراجعه في القول فزبرها وقال: ما أنت لهذا إنما أنت لعبة في جانب البيت إن كانت لنا إليك حاجة وإلاّ جلست كما أنت وهو مأجور على احتماله هفوات أهله وصبره على أذاهن ومثاب على حسن عشرتهن، وقد كان محمد بن الحنفية يقول ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدّاً، حتى يجعل الله له منه فرجًا ومخرجًا، فإن كانت بذيئة اللسان قليلة القبول عظيمة الجهل كثيرة الأذى، فطلاقها أسلم لدينهما وأروح لقلوبهما في عاجل دنياه وآجل أخرته، وقد شكى رجل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذاء امرأته فقال له: طلّقها فقال: إني أحبها قال: أمسكها إذاً، فخشي عليه تشتت همه بفراقها مع المحبة وتشتت الهم أعظم من أذى الجسم.
وفي معنى قوله عزّ وجلّ: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولا يَخْرُجْنَ إلاّ أنّ يأتينَ بِفاحَشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الطلاق: 1. قال ابن مسعود: إذا بذت على أهلها وآذت زرجها فهو فاحشة، وهذا يعني به في العدة لأن الله يقول: (أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حيْثُ سَكَنْتُمْ مِنَ وُجْدِكُمْ) الطلاق: 6. فهو متصل بقوله: (وأحْصُوا العِدَّةَ ولا تُخْرِجوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِن) الطلاق: 1. أي في العدة، ومن الناس من يظن أنّ الطلاق محظور يتأول هذه الآية على غير تأويلها، فالطلاق مباح إلاّ أنه مكروه بغير سب لتفرقه الألفة. وقد يروى في خبر: ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق، ولا بأس أنْ تفتدي المرأة من زوجها إذا خافت أنْ لا تقيم حدود الله فيه ولا تقوم بواجب حقوقه عليها، وأكره أنْ يأخذ في الفدية أكثر مما أعطاها. وقد قال الله تعالى: (فإنْ خِفْتُمْ ألاّ يُقيما حُدودَ الله فلا جُناحَ عليْهِما فيما افْتَدتْ بهِ) البقرة: 229، وهذا هو الخلع الجائز عند أكثر العلماء، ولا يحل لامرأة أن تسأل زوجها طلاقها ولا أنْ تختلع منه بغير رضاه. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس لم ترح رائحة الجنة، وقال: المختلعات هن المنافقات والنشوز، قد يكون من الزوجين معًا إلاّ أنه أبيح للزوج ضربها في النشوز وأبيح لها الصلح في نشوز الزوج قال الله عزّ وجلّ: (والصُّلحُ خَيْرٌ) النساء: 128. وأصل النشوز أنْ يعلو أحدهما على صاحبه ويرتفع عنه، كان يجفو عليه ويجتنبه فيكون في نحو غير نحوه، فيكون من هذا الكلام الفاحش ويكون منه الأذى ويكون منه الهجر والانفراد، ويحكم الحكمان في هذا أحدهما من أهله والآخر من أهلها، يعدلون وينظرون فيما بينهما. وقد وعد الله عزّ وجلّ الغني مع الفرقة كما وعده مع النكاح فقال: (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ الله كَلاً مِنْ سَعَتِهٍ) النساء: 130 كما قال: (وَأَنْكِحوا الأيامى مِنْكُمْ