يبرح، فأطال القعود فقال له ابن عباس: هل لك من حاجة فقال: نعم، لي حاجة استحيت أنْ أسألك عنها بحضرة الملأ قال: سلني عمّا شئت قال: إني أهابك وأجلك فقال ابن عباس: إنما العالم بمنزلة الوالد لا حشمة على السائل منه، فمهما أفضيت به إلى أبيك فأفض به إليّ فإنه لا عيب عليك عندي فقال: رحمك الله إني شاب لا زوجة لي وربما خشيت العنت على نفسي، وربما استمنيت بذكري فهل لي في ذلك معصية، فأعرض عنه ابن عباس رضي الله عنهما ثم قال: أف وتف، نكاح الأمة خير من هذا، وهذا خير من الزنا، ونكاح الأمة عند علماء العراق حرام على من وجد عشرة دراهم، وعند بعض علماء الحجاز إذا كان واجداً ثلاثة دراهم لم يحل له نكاح الأمة، وعن بعض أصحاب ابن المسيب إنْ وجد الرجل درهمين حرم عليه الأمة، وقال بعض الناس: أحمق الناس حرّ تزوّج بأمة، وأعقل الناس عبد تزوّج بحرّة، لأن هذا يعتق بعضه وذلك يرق بعضه، لأنه يرق ولده وقد جاء في كراهة الاستمناء وتحريمه والتغليظ فيه أخبار شديدة.
روينا أنّ الله عزّ وجلّ أهلك أمة من الأمم كانوا يعبثون بمذاكيرهم، وقد أسنده إسماعيل بن أبان عن أنس بن مالك، وسئل أبو محمد عن النساء فقال: الصبر عنهن ولا الصبر عليهن، والصبر عليهن خير من الصبر على النار، وكذلك قال بعض العلماء قبله: معالجة العزبة خير من معالجة النساء وقال بعض علمائنا البصريين من أهل الورع واليقين، وقد سئل عن التزويج في مثل زماننا، فذكر ضيق المكاسب وقلة الحلال وكثرة فساد النساء، فكرهه للورع وأمره بالمدافعة فأعيد عليه في ذلك، فقال إنه يدخل في المعاصي لدخول الإنسان في الآفات وفي المكاسب المحرمات ومن أكله بدينه وتصنعه للخلق، فلا يصلح التزويج في هذالوقت إلاّ لرجل يدركه من الشبق ما يدرك الحمار إذا نظر إلى أتان، لم يملك نفسه أنْ يثب عليها حتى يضرب رأسه، وهو لا ينثني، فإن كان الإنسان على مثل هذا الوصف كان التزويج له أفضل، وقد روينا عن قتادة في قوله عزّ وجلّ: (ولا تُحمِّلْنا ما لا طاقَةَ لنا بهِ) البقرة: 286، قال الغلمة وعن عكرمة ومجاهد رضي الله عنهما وخلق الإنسان ضعيفاً قال: لا يصبر عن النساء.
وروينا عن فياض بن نجيح إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله، وبعضهم يقول: ذهب ثلث دينه، وروينا في نوادر التفسير عن ابن عباس ومن شرّ غاسق إذا وقب قال: قيام الذكر وقد أسنده بعض الرواة، إلاّ أنه قال فيه: الذكر إذا دخل ولم يذكر قام، وفي الخبر: إذا تزوج الرجل فقد أحرز نصف دينه، فليتّقِ الله في الشطر الآخر، وفي دعاء البراء بن عازب: أعوذ بك من شرّ سمعي وبصري وقلبي ومني، فكان المني إذا امتلأ به خرز