الخطيئة الثانية: إنعاظ الفرج عن شهوة القلب وهذا عمل، وقبض الرجل على فرجه متعظاً معصية ثالثة، فإن ظهرت الشهوة من الفرج فهو معصية رابعة، ومسّ الفرج باليمين مكروه، فمتى وقعت هذه المعاني فإنها تغيّر القلب عن الخشوع، وتدخل عليه النقصان، ومتى لم يبتل العبد بها، فإن الخلوة أفضل المعاني، وفيها يجد لذة الوجود وحلاوة المعاملة، ويقبل على نفسه ويشتغل بحاله ولا يهتم بحال غيره، فيحمل حاله على حال غيره فيقصر، أو يقوم بحكم آخر فيعجز، ويعالج شيطاناً آخر مع شيطانه، وتنضم نفس أخرى إلى نفسه، وله في مجاهدة نفسه ومصابرة هواه وعدوه أكبر الأشغال، ومنها أنّ المكاسب قد فسدت فليس ينال أكثرها إلاّ يمعصية وهو مسؤول من أين اكتسبه وفيم أنفقه، فإن كان كسب من غير حلّه حسب ذلك عليه، وإن أنفق على هواه لم يحسب ذلك له، ومنها أن أكثر النساء قليلات الدين والصلاح، والأغلب عليهن الجهل والهوى، فلا يأمن أن ينقاد لهنّ لأجل هواه فيخسر آخرته، أو يمانعهن فيغالطهن، فلا ينقدن له فيتنغص عليه عيش دنياه، وقال الحسن رحمه الله: والله ما أصبح اليوم رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلاّ أكبه الله في النار، ومنها أنّ الأغنياء في مقام الظالمين للفقراء لبخس حقوقهم عنهم، وتقصيرهم عمّا أوجب الله عزّ وجلّ عليهم لهم، فإن كان المتأهل فقيراً لقي شدةً وجهداً وعنتاً وكداً ولم يأمن دخول الآفات عليه لأجل عيلته، وقد سئل ابن عمر رضي الله عنه عن جهد البلاء فقال: كثرة العيال، وقلة المال، وقال بعض السلف: قلة العيال أحد اليسارين، وكثرة العيال أحد الفقرين، ويقال: إنّ العيال عقوبة شهوة الحلال وإنّ الحرص عقوبة طلب فوق الكفاية فهو عقوبة الموحدين.
وقد جاء في الأثر: الوحدة خير من قرين السوء وهو من القرين الصالح على غير يقين، فلا يزال اليقين بالشك، فإن أكثر النساء من لا صلاح فيه لغلبة الهوى وحبّ الدنيا عليهن، وفي الخبر: مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم من مائة غراب، يعني الأبيض البطن، وفي وصية لقمان لابنه: يا بني اتّقِ المرأة السوء فإنها تشيبك قبل المشيب، واتّقِ شرار النساء فإنهنّ لا يدعون إلى خير، وكان من خيارهن على حذر، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خيرات النساء: إنكن صواحبات يوسف عليه السلام، إن صرفكنّ أبا بكر رضي الله عنه عن الإمامة ميل منكنّ إلى الهوى وتزيين وإغواء، كما أنّ زليخا حين راودت يوسف عليه السلام كان ذلك منها غواية وتسويلاً، ففيه اعتذار ليوسف عليه السلام وإيقاع اللوم عليها وتشبّه لهنّ بها، وقال الله فيهن حين أفشين سرّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنْ تَتُوبا إلى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) التحريم: 4، يعن مالت إلى الهوى فأمرهما بالتوبة للميل إلى الهوى، ثم قال: وإن تظاهرا عليه يعني تعاونا وهما من خير الأزواج فماظنك بمن شاكلته الجهالة ووصف الهوى والضلالة؟.